للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{يَنْظُرُونَ} إليها {مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} ضعيفِ النَّظَرِ مُسَارَقَةً]؛ يعني: ينظرون إلى النَّارِ - والعياذُ باللهِ - {مِنْ طَرْفٍ} أي: من بَصَرٍ {خَفِيٍّ}؛ أي: ضعيفٍ، يُسَارِقُونَ النَّظَرَ، كالإنسانِ الَّذي هو خائفٌ من شيءٍ تَجِدُهُ ينظرُ إليه نظرًا ضعيفًا ثمَّ يَصْرِفُ النَّظرَ على الفورِ؛ وذلك لشدَّةِ ذُلِّهِم، أعاذنا اللهُ وإيَّاكم من حالهِم.

(ومن) ابتدائيَّةٌ أو بمعنى الباءِ (من) في قولِهِ: {مِنْ طَرْفٍ} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [ابتدائيَّةٌ أو بمعنى الباءِ]؛ أي: ينظرون بطَرَفٍ خَفِيٍّ، وإذا دار الأمْرُ بين أن تكونَ ابتدائيَّةً على بابِها أو بمعنى الباءِ فالأولى أن تُجْعَلَ على بابِها؛ يعني: يبتدئُ نَظَرُهم من الطَّرَفِ الخَفِيِّ {مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}.

وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا} قالوا مُثْنِينَ على اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُتَحَدِّثِينَ بِنِعَمِه قالوا: {إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

وقوله: {إِنَّ الْخَاسِرِينَ} {إِنَّ} تحتاجُ إلى اسمٍ وخبرٍ، فاسمُها {الْخَاسِرِينَ} خبرُها {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}.

وقوله: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}؛ أي: فَقَدُوها فَقَدُوا أنْفُسهم وأَهْلِيهم يومَ القيامةِ. قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [بتخليدِهِم في النَّارِ وعدمِ وصولهِم إلى الحُورِ المُعَدَّةِ لهم في الجنَّةِ].

الخاسرون حقيقةً ليسوا الَّذين فقدوا المالَ، ولا الَّذين فقدوا الأهْلَ في الدُّنيا، الخاسرون حقيقةً هم الَّذين خَسِروا أنْفُسَهم وأهْلِيهم، أمَّا خُسرانُ أهليهم فظاهرٌ؛ لأنَّه لا يُجْمَعُ بينهم وبين أهْلِيهم في النَّارِ بخلافِ أهلِ الجنَّةِ، فإِن أهْلَ الجنَّةِ يقولُ اللهُ

<<  <   >  >>