فالجوابُ: وإن كان كذلك أنت أبرئْ ذِمَّتَك. وكونُهُ يترتبُ على ذلك عداوةٌ، أو ما أَشْبَهَ ذلك ليس إليك، نعم لو أن صاحبَك لم يَعْلَمْ بغِيبتِكَ إياه فهنا يكفي أن تندمَ وتُقْلِعَ عن غِيبتِه في المستقبلِ، وتذكُرُه في المجلس الذي اغْتَبْتَه فيه بما له من صفاتٍ حميدةٍ.
الرابعُ: العزمُ على ألا يعودَ، بأن يقعَ في قلبِهِ أنه لن يعودَ لهذه المعصيةِ، فإن كان تاب لكنه مترددٌ فيما لو تَيَسَّرَت له هذه المعصيةُ أيفعلُها أم لا. فالتوبةُ غير صحيحةٍ، لا بدَّ أن يعزمَ على ألا يعودَ، فإن عاد - يعني عزم ألا يعود ثم عاد بعد ذلك - هل تَبْطُلُ التوبَةُ؟
الجوابُ: لا تَبْطُلُ، التوبةُ الأولى صحيحةٌ، لكن عليه أن يجددَ التوبةَ للذنبِ الثاني، ولهذا كانت العبارةُ العزمُ على ألا يعودَ، وليست العبارةُ بشرطِ ألا يعودَ، وبينهما فَرْقٌ، إذا قلنا عزمَ على ألا يعودَ وعزمَ ألا يعودَ ثم عاد فالتوبةُ الأولى صحيحةٌ، لكن عليه أن يُجَدِّدَ التوبةَ للذنبِ الثاني، أما إذا قلنا بشرطِ ألا يعودَ فهذا يقتضي أنه لو عاد لبطلتِ التوبةُ وليس كذلك.
الشرطُ الخامسُ - وما أَعْظَمَه -: أن تكونَ التوبةُ في زمنِ الإمكانِ فإن فات الأوانُ لم تُقْبَلْ، وفواتُ الأوانِ عامٌّ وخاصٌّ: العامُّ طلوعُ الشمسِ من مَغْرِبِها، والخاصُّ حضورُ الموتِ، أما الأولُ فدليلُه قولُ اللهِ تبارك تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}[الأنعامِ: ١٥٨]. فَسَّرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعضَ الآياتِ بأنها الشمسُ تَطْلُعُ من مغرِبِها. وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ: "لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التوبَةُ، ولا تنقطعُ التوبةُ حتى