للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاعلةٌ ولا بدَّ، أو موجِبةٌ ولا بدَّ، هؤلاء أيضًا ضالُّون، فها هي النارُ العظيمةُ كانت على إبراهيمَ بردًا وسلامًا، ولو كان السببُ موجِبًا بذاتِهِ ولا بدَّ لأحرقت إبراهيمَ على كلِّ حالٍ، لكن اللهَ قال: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياءِ: ٦٩]. فكانت بردًا وكانت سلامًا.

قال العلماءُ رَحِمَهُم اللَّهُ: لو قال اللهُ تعالى: {كُونِي بَرْدًا} ولم يَقُلْ: {وَسَلَامًا} لأهلكتْ إبراهيمَ من البرْدِ، لكن اللهَ قَرَنَ البرْدَ بالسلامِ. إذن الآيةُ التي معنا فيها إثباتُ الأسبابِ؛ لقولِهِ تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: الوعيدُ الشديدُ للظالمين؛ لقولِهِ تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: من فوائدِها اللغويَّةِ: أن (أليمٌ) بمعنى مُؤْلِمٌ؛ يعني فعيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ. وهذا قليلٌ في اللغةِ العربيةِ، أكثرُ ما يأتي (أليمٌ) في اللغةِ العربيةِ بمعنى آلِمٌ؛ أي: بمعنى فاعِلٍ، هذا هو الأكثرُ، لكن قد يأتي فعيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ كما في هذه الآيةِ، وكما في قولِ الشاعرِ:

أمن ريحانةِ الداعي السميعُ ... يُؤرِّقني وأصحابي هُجوعُ (١)

السميعُ بمعنى المُسْمِعِ، يقولُها في معشوقتِه.

* * *


(١) البيت لعمرو بن معدي كرب، انظر: الأصمعيات (ص: ١٧٢)، الشعر والشعراء لابن قتيبة (١/ ٣٦٠).

<<  <   >  >>