فإثباتُ القياسِ لا بدَّ منه، ولا يُمْكِنُ أن تتوسَّعَ الشريعةُ إلا بالقياسِ؛ لأنَّ أكثرَ الحوادثِ لم يوجَدْ بعينِهِ في النصوصِ لكن وُجِدَتْ قواعدُ وأصولٌ تَرْجِعُ إليه هذه الحوادثُ في حُكْمِها.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: الإشارةُ إلى قُرْبِ الساعةِ؛ لقولِهِ:{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}[الشورى: ١٧]، وسَبَقَ في التفسيرِ أنَّ المرادَ بالساعةِ الساعةُ العظمى الكبرى والساعةُ الصغرى، وهي موتُ كلِّ إنسانٍ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَعْلَمُ متى تقومُ الساعةُ؛ لقولِهِ:{وَمَا يُدْرِيكَ} أي ما يُعْلِمُكَ؟ وهذا حقٌّ ثابتٌ "فإن جبريلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سأل النبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - قال: أَخْبِرْنِي عن الساعةِ، فقال: "ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السائلِ" (١)؛ يعني: كما أنك أنت تَجْهَلُها فأنا أَجْهَلُها.
ولهذا من ادَّعَى علمَ الساعةِ فإنه كاذبٌ مكذَّبٌ؛ لقولِ الله تعالى:{لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ}[الأعراف: ١٨٧].
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: إثباتُ علوِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لقولِهِ:{أَنْزَلَ الْكِتَابَ} والمرادُ بالكتابِ هنا كلامُهُ عزَّ وَجَّلَّ الذي أوحاه إلى رُسُلِهِ.
وَجْهُ الدلالةِ: أنَّ النزولَ يكونُ من الأعلى إلى الأسفلِ، وعلوُّ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثابتٌ بالقرآنِ والسُّنَّةِ والإجماعِ والعقلِ والفطرةِ، كلُّ الأدلةِ الممكنةِ حاصلةٌ لإثباتِ علوِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وهل العلوُّ علوٌّ ذاتيٌّ أو علوٌّ وصفيٌّ؟ بمعنى أن عُلُوَّه علوُّ صفةٍ أو علوُّ ذاتٍ وصفةٍ؟
(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان، رقم (٨)، من حديث عمر - رضي الله عنه -.