للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: إثباتُ الصِّفَةِ التي دلَّ عليها.

وإذا كان متعديًا فلا بدَّ في الإيمانِ به من أمورٍ ثلاثةٍ:

الأوَّلُ: إثباتُ كونِهِ اسمًا للهِ.

والثاني: إثباتُ الصفةِ التي دلَّ عليها.

والثالثُ: إثباتُ تَعَدِّي هذه الصفةِ إلى ما تتعلَّقُ به، بمعنى: أن السَّمْعَ يتعلَّقُ بكلِّ مسموعٍ، والبصرَ بِكُلِّ مُبْصِرٍ.

والإيمانُ بالإسمِ لا يَتِمُّ إلَّا بالإيمانِ بما يتعلَّقُ به، فإثباتُ السَّمْعِ لا بدَّ أن نُثْبِتَ أنه يَسْمَعُ، فيه أيضًا يقولون: الأسماءُ تَتَضَمَّنُ الدلالاتِ الثلاثةَ: دلالةَ المطابَقَةِ، ودلالةَ التضَمُّنِ، ودلالةَ الإلتزامِ. وإن شِئْتَ فقل: دلالةُ اللزومِ.

إذن الدلالاتُ ثلاثةٌ: مُطَابَقَةٌ، وتَضَمُّنٌ، ولزومٌ، فدلالةُ الإسمِ على الذاتِ وَحْدَها دلالةُ تَضَمُّنٍ، وعلى الصفةِ وَحْدَها دلالةُ تَضَمُّنٍ، وعليهما جميعًا دلالةُ مُطَابَقَةٍ، ودلالةُ ذلك الإسْمِ على معنًى لازمٍ له دلالةُ التزامٍ. هذه أيضًا من القواعدِ المهِمَّةِ.

نَضْرِبُ لهذا مثلًا: الخالقُ، من أسماءِ اللهِ تعالى الخالقُ، فدلالتُهُ على الذاتِ وَحْدَها تَضَمُّنٌ، وعلى صفةِ الخَلْقِ وَحْدَها تَضَمُّنٌ أيضًا، وعليهما جميعًا مُطَابَقَةٌ.

إذن فَهِمْنَا أن دلالةَ اللفظِ على جميعِ معناه دلالةُ مُطَابَقَةٍ، وعلى بعضِهِ تَضَمُّنٌ، على اللازمِ الخارجِ الذي يَلْزَمُ منه دلالةُ التزامٍ، مثلًا المثالُ الذي معنا الآن لا يزالُ باقيًا، الخالقُ يدلُّ على صفةِ الخَلْقِ وعلى الخالِق نفْسِه، ويدلُّ أيضًا على شيءٍ لازمٍ، من لازمِ الخلقِ القدرةُ، من لازمِ الخلقِ العِلْمُ، إذ من ليس بقادرٍ لا يُمْكِنُ أن يَخْلُقَ،

<<  <   >  >>