أمَّا قوله تعالى:{هُمُ الْخَاسِرُونَ} فـ {هُمُ} ضَمير فَصْل لا مَحَلَّ له من الإعراب.
وفائِدتُه:
أوَّلًا: التَّوكيد.
ثانيًا: الحَصْر.
ثالثًا: التَّمييز، أو إن شِئْت فقُلِ: الفصل بين كون ما بعدَه خبَرًا أو وَصْفًا، فإنك إذا قلت: زيدٌ هو الفاضِلُ. فإن كلمة (الفاضِل) تَحتَمِل أن تَكون خبَرًا، أو أن تَكون صِفة إذا حَذَفت (هو)، وإذا قلت: زيدٌ الفاضل. فربما يَترَقَّب الإنسان كلِمة أُخرى تَتِمُّ بها الجُملة، ويَعتقِد أن (الفاضِل) صِفة، فإذا قلتَ: هو الفاضِل. زال هذا الوهمُ، أو زال هذا التَّوقُّع، وعَلِم أن ما بعد (هو) خبَرَ المُبتَدَأ.
قال رَحِمَهُ اللهُ: [{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} القرآن] وهذا فيه شيءٌ من القُصور؛ لأن آياتِ الله عَزَّ وَجَلَّ في القرآن وفي غير القرآن، ثُمَّ الآياتُ كونيةٌ وشَرْعيةٌ، والكُفْر يَكون بهما جميعًا؛ أي: بالآيات الكونية والآيات الشرعية، ويَكون بالقرآن وبالتَّوراة وبالإنجيل وبغَيرِهما من الكُتُب التي أَنزَلها الله عَزَّ وَجَلَّ, فالأَوْلى العُموم أن يُقال: كفَروا بآيات الله تعالى الكَوْنية والشَّرْعية، القرآن وغير القرآن.
وأصل الكُفْر الجَحْد، ومنه: الكفرة الذي هو وِعاء طَلْع النَّخْلة؛ لأنه يَستُر الطَّلْع ولا يَتبيَّن، والكافِر جاحِدٌ ساتِرٌ لحَقِّ الله عَزَّ وَجَلَّ ولنِعَم الله عَزَّ وَجَلَّ, وكُفرهم بآيات الله تعالى يَكون تارةً بالتكذيب وتارةً بالاستِكْبار، ففي مُقابِل الأخبار يَكون بالتَّكذيب،