[الزمر: ٦]، وقوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ}[الحديد: ٢٥]، وأمثالها؛ فلا نُسلِّم لكم أن القُرآن كلام الله تعالى، بل نَقول: هو كغيرِه من المَخلوقات التي أَنزَلها الله تعالى، فإن الحديد مَخلوق، والمَطَر مَخلوق، والأنعام مَخلوقة؟
فالجَوابُ عن هذا أن نَقول: ما أَنزَله الله تعالى يَنقَسِم إلى قِسْمين:
الأَوَّلُ: أن يَكون عَيْنًا قائِمةً بنَفْسه فهذا مَخلوق.
الثاني: أن يَكون وَصْفًا لا يَقوم إلَّا بغيره فهذا غيرُ مَخلوق.
فلْنَنظُرْ للقرآن: هل هو عينٌ قائِمةٌ بنَفْسها أو وَصْفٌ لا يَقوم إلَّا بغيره؟
الجواب: هو وَصْف لا يَقوم إلَّا بغيره، إِذَنْ هو غير مَخلوق كلام الله تعالى غير مَخلوق.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثبات عُلوِّ الله تعالى؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}، وجهُ ذلك: أن النُّزول لا يَكون إلَّا مِن أَعْلى.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: فضيلة هذه الأُمَّةِ حيث كانت الغاية في إنزال القرآن، ويُؤخَذ ذلك من قوله تعالى:{إِلَيْكُمْ}، فإن الإنزال غايته إلينا، إِذَنْ فهذا شرَفٌ لنا أن نكونَ غايةَ إنزالِ القُرآن.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن إنزال القُرآن إلينا من كَمال رُبوبيته، حيث أَضاف إنزاله إلى نَفْسه بوَصْف الرُّبوبية، فمِن كَمال رُبوبيته لخَلْقه وتَربيته لهم أن نزَّل عليهم هذا القُرآنَ.