للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الظالِمون) عامًّا لكُفَّار مكَّةَ ولغيرهم، لكن أوَّل مَن يَدخُل فيهم بلا شَكٍّ كفَّار مكَّةَ؛ لأن القُرآن نزَل توبيخًا لهم وإنذارًا ودَعوةً.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} من جِهةٍ لا تَخطُر ببالهم] وهذا في التَّفسيرُ أشَدُّ وأبلَغُ من أن يَكون من أن يَأتيَهُمُ العَذاب وهم على أُهْبة الاستِعْداد له.

قوله رَحِمَهُ اللهُ: [{فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ} من الذُّلِّ والهَوان من المَسخِ والقَتْل وغيره] {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} فأَذاقَهمُ الله تعالى، أي: مسَّهُم به حتى كأنهم طعِموه وذاقوه بمَذاقاتهم.

وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [من المَسْخ والقَتْل وغيره] المَسْخ مثل اليَهود الذي قال الله لهم: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥]، والقَتْل مثل قَتْل بني إسرائيلَ أنفسَهم حينما أُمِروا بالتوبة وقيل لهم: إن كُنْتم صادِقين في التَّوْبة فاقتُلوا أَنفُسكم.

يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [وغيره] وذلك مثل الإِهْلاك بالصاعِقة والرَّجْفة وما أَشبَهَها، فالمُهِمُّ أن المُكذِّبين للرُّسُل كلُّهم أَهلَكهم الله عَزَّ وَجَلَّ.

فإن قال قائل: أليس مِن الرُّسُل مَن قُتِل؟

فالجَوابُ: بلى، ولكن هؤلاء الذين قُتِلوا إمَّا أن يَكونوا لم يُؤمَروا بالقِتال فاعتَدَى عليهم مَنِ اعتَدى بدون قِتال، وإمَّا أنهم أُتوا على غِرَّة دون أن يُجاهَروا بالقَتْل، ثُمَّ إذا قُتِلوا هل مَعنَى ذلك أن ما دُعوا إليه يَموت بمَوْتهم؟ لا، قد يَبقَى فيَكون هذا نَصْرًا لهم ولو بعدَ وفاتهم، فأَذاقهم الله تعالى الذُّلَّ والهَوان من المَسْخِ والقَتْل وغيره في الحَياة الدُّنيا.

<<  <   >  >>