قال المفسِّر (١) رَحِمَهُ اللهُ: [مَكِّيَّة، وآياتُها خَمْسٌ وأَرْبعونَ أو سِتٌّ وأربعون].
قَوْله:[مَكِّيَّة] أصَحُّ الأَقْوَالِ في المكِّيِّ والمَدَنِيِّ أنَّ ما نزل بعد الِهجْرَة فهو مَدَنِيٌّ وإن نزل بمَكَّة، وما نزل قبل الهِجْرة - أي: قبل وصول النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ - فإنَّه مَكِّيٌّ ولو نزل في غَيْر مَكَّةَ؛ هذا هو أصحُّ ما قيل في تَعْريفِ المكِّيِّ والمَدَنِيِّ.
والغالبُ في الآياتِ المَكِّيَّة قُوَّةُ العِبارَةِ وشِدَّتُها وقِصَر الآياتِ، ومَوْضوعها غالبًا في أصول الدِّين وتَقْريرِ التَّوْحيدِ.
وأمَّا الآياتُ المَدَنِيَّة فإنَّها بالعَكْسِ؛ تَجِدُ عباراتِها أسهَلَ وأَطْوَلَ، وغالب مَوْضوعها في فروع الدِّينِ؛ لأنَّ النَّاسَ غالبَهُم قد قاموا بالتَّوْحيدِ، ولها ضوابِطُ معروفَةٌ في أُصولِ التَّفْسيرِ وعَلاماتٌ.
وهنا يقول رَحِمَهُ اللهُ: إنَّها [مَكِّيَّة]، واعلمْ أنَّ السُّورَة إذا كانت مَكِّيَّة، واسْتُثْنِيَ بعضُ آياتِها - مثلًا يقول:(مَكِّيَّة إلا آيَةَ كذا وكذا) - فإنَّ هذا الإستثناءَ غَيْرُ مَقْبولٍ من قائِلِه إلا بِدَليلٍ؛ لأنَّ الأَصْلَ أنَّ السُّورَة جُزءٌ واحِدٌ؛ بمَعْنى أنَّ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - إذا
(١) المقصود بـ (المفسر) هنا: محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم جلال الدين المحلي، ترجمته في: الضوء اللامع (٧/ ٣٩)، حسن المحاضرة (١/ ٤٤٣).