للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفوائد:

١ من فوائد الآية: أن القرآن من عند الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {كتاب من عند الله}.

٢ ومنها: أن القرآن كلامه سبحانه وتعالى تكلم به حقيقة؛ لقوله تعالى: {كتاب من عند الله}؛ ومعلوم أن الكلام ليس جسماً يقوم بنفسه حتى نقول: إنه مخلوق.

٣. ومنها: التنويه بفضل القرآن؛ لقوله تعالى: {مصدق لما معهم}، ولقوله تعالى: {من عند الله}.

٤ ومنها: أن اليهود كانوا يعرفون أن النبي صلى الله عليه وسلم سيبعث، وتكون له الغلبة؛ لقوله تعالى:

{وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} يعني يستنصرون. أي يطلبون النصر؛ أو يَعِدون به؛ فقبل نزول القرآن، وقبل مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم يقولون للعرب: إنه سيبعث نبي، وينْزل عليه كتاب، وننتصر به عليكم، ولما جاءهم الرسول الذي كانوا يستفتحون به كفروا به.

٥ ومنها: أن اليهود لم يخضعوا للحق؛ حتى الذي يقرون به لم يخضعوا له؛ لأنهم كفروا به؛ فيدل على عتوهم، وعنادهم.

٦ ومنها: أن الكافر مستحق للعنة الله، وواجبة عليه؛ لقوله تعالى: {فلعنة الله على الكافرين}.

٧ استدل بعض العلماء بهذه الآية على جواز لعن الكافر المعين؛ ولكن لا دليل فيها؛ لأن اللعن الوارد في الآية على سبيل العموم؛ ثم هو خبر من الله عزّ وجلّ، ولا يلزم منه جواز الدعاء به؛ ويدل على منع لعن المعين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم العن فلاناً، وفلاناً" (١). لأئمة الكفر، فنهاه الله عن ذلك؛ ولأن الكافر المعين قد يهديه الله للإسلام إن كان حياً؛ وإن كان ميتاً فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" (٢).

القرآن

{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩٠)} [البقرة: ٩٠]

التفسير:

قَبُحَ ما اختاره بنو إسرائيل لأنفسهم؛ إذ استبدلوا الكفر بالإيمان ظلمًا وحسدًا لإنزال الله من فضله القرآن على نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فرجعوا بغضب من الله عليهم بسبب جحودهم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بعد غضبه عليهم بسبب تحريفهم التوراة. وللجاحدين نبوَّة محمد صلى الله عليه وسلم عذابٌ يذلُّهم ويخزيهم.

قوله تعالى: {{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ٩٠]، " أي بئس الشيء التافه الذي باع به هؤلاء اليهود أنفسهم" (٣).

قال السدي: " باعوا به أنفسهم" (٤).

قال مجاهد: "شروا الحق بالباطل، وكتمان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بأن بينوه" (٥).

قال الزجاج: "المعنى: ذلك الشيءُ المذموم" (٦).

قال الواحدي: " بئس شيئًا اشتروا به أنفسهم" (٧).

قال القرطبي: " بئس الشيء الذي اختاروا لأنفسهم" (٨).

وذكر الثعلبي في قوله تعالى: {{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ٩٠]، وجهين (٩):


(١) أخرجه البخاري ص ٣٣٣، كتاب المغازي، باب ٢٢: (ليس لك من الأمر شيء)، حديث رقم ٤٠٦٩.
(٢) أخرجه البخاري ص ١٠٩، كتاب الجنائز، باب ٩٧: ما ينهى من سب الأموات، حديث رقم ١٣٩٣.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ٦٨.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٠٨): ص ١/ ١٧٢.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٠٩): ص ١/ ١٧٢.
(٦) معاني القرآن: ١/ ١٧٢
(٧) التفسير البسيط: ٣/ ١٤٥.
(٨) تفسير القرطبي: ٢/ ٢٨.
(٩) انظر: تفسير الثعلبي: ١/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>