للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يعني أوعية للعلم (١)، وهذا قول عطية (٢)، ورواية الضحاك عن ابن عباس (٣)، وعطاء الخراساني (٤).

وقال الكلبي: "يريدون أوعية لكلّ علم، فهي لا تسمع حديثا إلّا وعته إلّا حديثك، لا تفقهه ولا تعيه، ولو كان فيه خيرا لفهمته ووعته" (٥).

الثالث: وقيل: غلف أي كالغلاف الخالي لا شيء فيه مما يدل على صحة قولك (٦).

واختلفت القراءة في قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: ٨٨]، على وجهين (٧):

الأول: {وقالوا قلوبنا غُلْف} مخففة اللام ساكنة. وهي قراءة عامة الأمصار في جميع الأقطار. والثاني: وقرأه بعضهم: {وقالوا قلوبنا غُلُف}، مثقلة اللام مضمومة.

قوله تعالى: {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} [البقرة: ٨٨]، " أي طردهم وأبعدهم من رحمته بسبب كفرهم وضلالهم" (٨).

قال السمين الحلبي: " فردَّ الله عليهم ذلك بأنَّ سببَه لَعْنُهم بكفرهم السابق" (٩).

قال الواحدي: " أي: أبعدهم من رحمته وطردهم" (١٠).

قال الطبري: " يعني: بل أقصاهم الله، أبعدهم وطردهم وأخزاهم وأهلكهم بكفرهم، وجحودهم آيات الله وبيناته، وما ابتعث به رسله، وتكذيبهم أنبياءه. فأخبر تعالى ذكره أنه أبعدهم منه ومن رحمته بما كانوا يفعلون من ذلك (١١).

وقال الثعلبي: " طردهم وأبعدهم من كل خير" (١٢).

قال السعدي: " أي: أنهم مطرودون ملعونون، بسبب كفرهم" (١٣).

قال النسفي: " فرد الله أن تكون قلوبهم مخلوقة كذلك لأنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق، وإنما طردهم بكفرهم وزيغهم" (١٤).

قال النضر بن شميل: "الملعون المخزي المهلك" (١٥).

وفي أصل (اللعن) أقوال:

الأول: الطرد والإبعاد والإقصاء، قال الشَّمَّاخ (١٦):


(١) قال ابن القيم: " وأما قول من قال: هي أوعية للحكمة، فليس في اللفظ ما يدل عليه البتة. وليس له في القرآن نظير يحمل عليه، ولا يقال مثل هذا اللفظ في مدح الإنسان نفسه بالعلم والحكمة، فأين وجدتم في الاستعمال قول القائل: قلبي غلاف، وقلوب المؤمنين العالمين غلف، أي أوعية للعلم.
والغلاف قد يكون وعاء للجيد والرديء. فلا يلزم من كون القلب غلافا أن يكون داخله العلم والحكمة. وهذا ظاهر جدا". [تفسير القرآن الكريم لابن القيم: ص: ١٣٨].
(٢) انظر: تفسير الطبري (١٥١٠)، و (١٥١٠)، و (١٥١٢): ص ٢/ ٣٢٧.
(٣) أخرجه الطبري (١٥١٣): ص ٢/ ٣٢٧.
(٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٨٩٣): ص ١/ ١٧٠.
(٥) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٣٤.
(٦) انظر: تفسير الطبري: ٢/ ٣٢٤ ومابعدها، وتفسير ابن كثير: ١/ ٣٢٤ - ٣٢٥. وتفسير الرازي: ٢/ ١٦٣ - ١٦٤.
(٧) انظر: السبعة في القراءات: ١٦٤، وتفسير الطبري: ٢/ ٣٢٤.
(٨) صفوة التفاسير: ١/ ٦٨.
(٩) الدر المصون: ١/ ٥٠١.
(١٠) التفسير البسيط: ٣/ ١٣٥.
(١١) انظر: تفسير الطبري: ٢/ ٣٢٨.
(١٢) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٣٤.
(١٣) تفسير السعدي: ٥٨.
(١٤) تفسير النسفي: ١/ ٧٥.
(١٥) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٣٤.
(١٦) ديوانه: ٣٢١، ومجاز القرآن: ١/ ٤٦، ومعاني القرآن، للزجاج ١/ ١٧٠، وتفسير الثعلبي، ١/ ٢٣٤، "لسان العرب" ٧/ ٤٠٤٤، وتفسير القرطبي" ٢/ ٢٣، وذكره الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٢٨، برواية: مكان الذئب. وقبله:
وماء قد وردت لوصل أروى ... عليه الطير كالورق اللجين
وأراد في البيت: مقام الذئب الطريد اللعين كالرجل. والرجل اللعين المطرود لا يزال منتبذا عن الناس، شبه الذئب به، يعني في ذله وشدة مخافته وذعره.
انظر: تفسير الطبري: ٢/ ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>