للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البيضاوي: " المعجزات الواضحات كإحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص، والإِخبار بالمغيبات. أو الإنجيل" (١).

قال ابن عثيمين: " وهذه الآية البينات، تشمل الآيات الشرعية، كالشريعة التي جاء بها؛ والآيات القدرية الكونية، كإحياء الموتى، وإخراجهم من قبورهم بإذن الله" (٢).

وفي تفسير: {الْبَيِّنَاتِ} [البقرة: ٨٧]، وجوه (٣):

أحدها: أن البينات التي أوتيها عيسى إحياء الموتى، وخلقه من الطين كهيئة الطير، فيكون طيراً بإذن الله، وإبراء الأسْقَام. قاله ابن عباس (٤).

وثانيها: أنها الإنجيل.

وثالثها: وهو الأقوى أن الكل يدخل فيه، لأن المعجز يبين صحة نبوته كما أن الإنجيل يبين كيفية شريعته فلا يكون للتخصيص معنى.

و(عيسى) بالسرناية: إيشوُعُ، ومعناه المبارك، ومريم بمعنى الخادم، وهو بالعبرية من النساء كالزير من الرجال، وبه فُسر قولُ رؤبة (٥):

قلتُ لزيرٍ لم تصِلْه مَرْيمُه ... ضليلِ أهواءِ الصِّبا تندّمُهْ (٦)

وعيسى عليه السلام: "هو ابن مريم، كونه الله في بطنها بدون مس رجل، وأمه مريم ابنة عمران من سبط يهوذا" (٧).

قوله تعالى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القدس} [البقرة: ٨٧]، "أي قويناه وشددنا أزره بجبريل عليه السلام" (٨).

قال الضحاك" يقول: نصرناه" (٩).

قال الواحدي: " أي: قويناه" (١٠).

قال الثعلبي: " قويناه وأعناه (١١).

والأيد والآد: القوة، ويقال: أَيَّدَه وآيده: إذا قواه، وآدَ يَئِيدُ أَيْدًا: إذا قوي، قال امرؤ القيس (١٢):

فَأَثَّتْ أَعَاليه وآدَتْ أُصولُه ... ومال بقُنْيَانٍ من البُسْرِ أحمرا


(١) تفسير البيضاوي: ١/ ٩٢.
(٢) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٢٨١.
(٣) انظر: النكت والعيون: ١/ ١٥٦، ومفاتيح الغيب: ٢/ ١٦٢.
(٤) انظر: تفسير الطبري (١٤٨٣): ص ٢/ ٣١٨ - ٣١٩.
(٥) اللسان (زور): ص ٤/ ٣٣٦، والبيت من شواهد البيضاوي في تفسيره: ١/ ٩٢، وأبي السعود في تفسيره: ١/ ١٢٧، وفي شرح الشافية: ٤/ ١٧٧، أنه لرؤبة، وقبله:
أرسل فيها بازلا يقرّمه ... وهو بها ينحو طريقا يعلمه
و(الزير): بكسر الزاي هو الرجل الذي يميل لمحادثة النساء ومجالستهن، وياؤه منقلبة عن الواو ووزنه فعل بكسر الفاء من زار يزور. وقوله (مريمه): أي المرأة التي ترغب في محادثته وهذا البيت من قصيدة مدح بها أبا جعفر المنصور.
(٦) انظر: تفسير البيضاوي: ١/ ٩٢، وتفسير أبي السعود: ١/ ١٢٧.
(٧) التحرير والتنوير: ١/ ٥٩٥. ولد عيسى في مدة سلطنة أغسطس ملك رومية وفي مدة حكم هيرودس على القدس من جهة سلطان الرومان وذلك في سنة (٤٣٠) عشرين وستمائة قبل الهجرية المحمدية، وكانت ولادته بقرية تعرف ببيت لحم اليهودية، ولما بلغ ثلاثين سنة بعث رسولا إلى بني إسرائيل وبقي في الدنيا إلى أن بلغ سنه ثلاثا وثلاثين سنة.
وأما مريم أمه فهي مريم ابنة عمران بن ماثان من سبط يهوذا ولدت عيسى وهي ابنة ثلاث عشرة سنة فتكون ولادتها في سنة ثلاث عشرة قبل ميلاد عيسى وتوفيت بعد أن شاخت ولا تعرف سنة وفاتها، وكان أبوها مات قبل ولادتها فكفلها زكرياء من بني أبيا وهو زوج اليصابات خالة مريم وكان كاهنا من أحبار اليهود. [انظر: التحرير والتنوير: ١/ ٥٩٥].
(٨) صفوة التفاسير: ١/ ٦٨.
(٩) أخرجه الطبري (١٤٨٤): ص ٢/ ٣١٩.
(١٠) التفسير البسيط: ٣/ ١٢٩، وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٨، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٢٤ و"المحرر الوجيز" ١/ ٣٨٥.
(١١) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٣٢.
(١٢) يصف نخيلًا، انظر "ديوانه" ص ٦٠، "لسان العرب" ١/ ١٨٩ (مادة أيد). "المعجم المفصل" ٣/ ١٤٠.
(٤) ينظر "تهذيب اللغة" ١/ ٩٦، "اللسان" ١/ ١٨٩، وفيه: وإياد كل شيء: ما يقوى به من جانبيه، وهما إياداه.

<<  <  ج: ص:  >  >>