والصدِّيقيَّة أعلى مراتب البشر بعد النبوة، ويكفيك اقتناعًا بفائدته وثمرته ما حصل للثلاثة الذين خُلِّفُوا؛ أي خُلِّفَ أمرُهم ولم يُقْضَ فيه بشيء حتى جاء الوحي، وهم: كعب بن مالك، هلال بن أمية، مرارة بن الربيع، هؤلاء الثلاثة تخلفوا عن غزوة تبوك، ولما رجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منها جاء المعذِّرون يعتذرون إلى الرسول صلى الله عليه الصلاة والسلام، وقد أخبر الله عنهم قبل وصول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وقال:{يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ}[التوبة: ٩٤]، {لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٥) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٩٥ - ٩٦].
أما الثلاثة فصدقوا وأخبروا بالصدق، وأنزل الله سبحانه وتعالى فيهم آيات تُتْلَى في الصلاة وخارج الصلاة، ويُثاب على قراءتها، وحثَّ على أن نكون مثلهم؛ فقال بعد ذكر الآيات:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: ١١٩].
٣ - من فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الثواب بالجنة؛ لقوله:{لَهُمْ جَنَّاتٌ}، وهذا أمر معتقد عند جميع الطوائف المسلمة.
٤ - ومن فوائد الآية: أن هذا الثواب يختص به الصادقون، لأن تقديم الخبر في قوله: : {لَهُمْ جَنَّاتٌ} أفاد الحصر.
٥ - ومن فوائد الآية الكريمة: وصف الجنات بأن الأنهار المطردة تجري من تحت الأشجار والقصور، وما أجمله من منظر وما ألذَّه من مَخْبَر، اللهم اجعلنا منهم.
٦ - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أهل الجنة مخلَّدون فيها أبدًا؛ لقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}، وهل هي موجودة الآن.