للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: اعلم أن في مصحف ابن مسعود: {وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم} وكان ابن شنبوذ يقرأ كذلك زمانا ببغداد؛ فمنع عنه، وفيه قصة، وقيل: فيه تقديم وتأخير، وتقدير الآية: إن تغفر لهم فإنهم عبادك، وإن تعذبهم فإنك أنت العزيز الحكيم. وقيل: معناه: إن تغفر لهم لا ينقص من عزك شيء، ولا يخرج من حكمك شيء، ويدخل في حكمته ومغفرته وسعة رحمته ومغفرته الكفار، لكنه أخبر أنه لا يغفر وهو لا يخلف خبره.

قال الزمخشري: " فإن قلت: المغفرة لا تكون للكفار فكيف قال: {وإن تغفر لهم}؟

قلت: ما قال إنك تغفر لهم، ولكنه بنى الكلام على: إن غفرت، فقال: إن عذبتهم عدلت، لأنهم أحقاء بالعذاب، وإن غفرت لهم مع كفرهم لم تعدم في المغفرة وجه حكمة لأن المغفرة حسنة لكل مجرم في المعقول. بل متى كان الجرم أعظم جرما كان العفو عنه أحسن" (١).

عن أبي ذر، رضي الله عنه، قال: "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقرأ بآية حتى أصبح، يركع بها ويسجد بها: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فلما أصبح قلت: يا رسول الله، ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها؟ قال: إني سألت ربي، عز وجل، الشفاعة لأمتي، فأعطانيها، وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئًا" (٢).


(١) الكشاف: ١/ ٦٩٧.
(٢) المسند (٥/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>