للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة، فقال: يا أيها الناس، إنكم محشورون إلى الله، عز وجل، حفاة عراة غُرْلا كما بدأنا أول خلق نعيده، وإن أول الخلائق يُكْسى إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم" (١).

الفوائد:

١ - أن الرسل عليهم الصلاة والسلام مكلَّفون بالرسالة أمرًا من الله؛ لقوله: {مَا أَمَرْتَنِي بِهِ}، وهذا له شواهد في القرآن كثيرة، مثل قول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: ٦٧].

٢ - ومن فوائد هذه الآية الكريمة: حُسْن أدب الرسل مع الله عز وجل؛ حيث قال: {إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ}؛ وجه ذلك: أنه يُشعِر بأن عيسى رسولٌ مأمور مكلَّف بالأمر.

٣ - ومن فوائدها: أن عيسى عليه الصلاة والسلام أُمِر أن يبلِّغ الناس بأنه عبد والله تعالى رب؛ لقوله: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} والرب مقابله العبد. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا حق لعيسى في الألوهية ولا الربوبية؛ لقوله: {رَبِّي}، ومَنْ ليس له ربوبية ليس له ألوهية.


(١) مسند الطيالسي برقم (٢٦٣٨) وصحيح البخاري برقم (٤٦٢٥) ورواه مسلم في صحيحه برقم (٣٠٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>