للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عطية: " أخبر تعالى عمن يستنكف أي يأنف عن عبادة الله ويستكبر، بأنه سيناله الحشر يوم القيامة والرد إلى الله، وقوله {سيحشرهم}، عبارة وعيد" (١).

قرأ جمهور الناس: «فسيحشرهم» بالياء، وقرأ الحسن بن أبي الحسن: «فسنحشرهم» بنون الجماعة، وقرأ مسلمة: «فسيحشرهم» (٢).

الفوائد:

١ - حرمة الاستنكاف عن الحق والاستكبار عن قبوله.

٢ - ومن هذه الآية يفهم أن الملائكة أعظم من المسيح خلقا وأفعالا، ومنهم روح القدس الذي بنفخة منه خلق المسيح، ومن ثم استدل بها كثير من العلماء على تفصيل الملائكة المقربين على الأنبياء (٣).

القرآن

{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧٣)} [النساء: ١٧٣]

التفسير:

فأمَّا الذين صَدَّقوا بالله اعتقادًا وقولا وعملا واستقاموا على شريعته فيوفيهم ثواب أعمالهم، ويزيدُهم من فضله، وأما الذين امتنعوا عن طاعة الله، واستكبروا عن التذلل له فيعذبهم عذابًا موجعًا، ولا يجدون لهم وليًّا ينجيهم من عذابه، ولا ناصرًا ينصرهم من دون الله.

قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [النساء: ١٧٣]، أي: " فأمَّا الذين صَدَّقوا بالله اعتقادًا وقولا وعملا واستقاموا على شريعته" (٤).

قال الطبري: " فأما المؤمنون المقرّون بوحدانية الله، الخاضعون له بالطاعة، المتذلِّلون له بالعبودية، والعاملون الصالحات من الأعمال، وذلك: أن يَرِدُوا على ربهم قد آمنوا به وبرسله، وعملوا بما أتاهم به رسله من عند ربهم، من فعل ما أمرهم به، واجتناب ما أمرهم باجتنابه" (٥).

قوله تعالى: {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} [النساء: ١٧٣]، أي: " فيوفيهم ثواب أعمالهم" (٦).

قال الطبري: " يقول: فيؤتيهم جزاءَ أعمالهم الصالحة وافيًا تامًّا" (٧).

قال ابن الجوزي: " أي: ثواب أعمالهم" (٨).

قال الأعمش: " {أجورهم}، أن يدخلهم الجنة" (٩).

قوله تعالى: {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ١٧٣]، أي: " ويزيدُهم من فضله وإحسانه وسعة رحمته" (١٠).

قال ابن الجوزي: أي: "مضاعفة الحسنات" (١١).

قال الثعلبي: " في التضعيف ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" (١٢).

قال الطبري: أي: " ويزيدهم على ما وعدهم من الجزاء على أعمالهم الصالحة والثواب عليها، من الفضل والزيادة ما لم يعرّفهم مبلغه، ولم يحدّ لهم منتهاه. وذلك أن الله وعد من جاء من عباده المؤمنين بالحسنة الواحدة عشرَ أمثالها من الثواب والجزاء. فذلك هو أجر كلِّ عامل على عمله الصالح من أهل الإيمان المحدود مبلغه، والزيادة على ذلك تفضُّل من الله عليهم، وإن كان كل ذلك من فضله على عباده. غيرَ أن الذي وعد عبادَه المؤمنين أن يُوفيهم فلا ينقصهم من الثواب على أعمالهم الصالحة، هو ما حَدُّ مبلغه من


(١) المحرر الوجيز: ٢/ ١٤٠.
(٢) انظر: المحرر الوجيز: ٢/ ١٤٠.
(٣) انظر: تفسير المراغي: ٦/ ٣٤.
(٤) التفسير الميسر: ١٠٥.
(٥) تفسير الطبري: ٩/ ٤٢٦.
(٦) التفسير الميسر: ١٠٥.
(٧) تفسير الطبري: ٩/ ٤٢٦.
(٨) زاد المسير: ١/ ٥٠٢.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٣٢٠): ص ٤/ ١١٢٤.
(١٠) انظر: أيسر التفاسير: ٦٦٦، والتفسير الميسر: ١٠٥.
(١١) زاد المسير: ١/ ٥٠٢.
(١٢) تفسير الثعلبي: ٣/ ٤٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>