للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - بيان المعتقد الحق في عيسى -عليه السلام-، وأنه عبد الله ورسوله كان بكلمة الله ونفخة جبريل-عليه السلام-.

٦ - إثبات الصفات ما تضمنه قوله {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} فإنه يقتضي الحياة والقدرة والعلم والإرادة، فاقتضت الآية أيضا إثبات الكلام فإن هذا من القرآن وهو كلام الله، أما القدرة فخلقه السماوات والأرض وتخصيص أحدهما بصفة دون الأخرى دليل على الإرادة وكون فاعلها عالما (١).

٧ - إثبات اسمه تعالى «الوكيل»، فهو سبحانه المتولّي لتدبير خلقه، بعلمه، وكمال قدرته، وشمول حكمته، الذي تولى أولياءه، فيسَّرهم لليُسرى، وجنّبهم العُسرى، وكفاهم الأمور، فمن اتخذه وكيلاً كفاه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ} [البقرة: ٢٥٧]، وقال: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر: ٦٢] (٢).

قال الفراء: " وقوله: {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} [الإسراء: ٢]، يقال: ربا، ويقال: كافيا" (٣)، .. وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [الإسراء: ٥٤]، يقول: حافظا وربا" (٤) ... وقوله عز وجل: {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: ٩]، كفيلا بما وعدك" (٥).

قال الخطابي: " ويقال معناه: أنه الكفيل بأرزاق العباد، والقائم عليهم بمصالحهم، وحقيقته أنه الذي يستقل بالأمر الموكول إليه ومن هذا قول المسلمين: {حسبنا الله ونعم الوكيل} [آل عمران: ١٧٣] أي: نعم الكفيل بأمورنا والقائم بها" (٦).

القرآن

{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (١٧٢)} [النساء: ١٧٢]

التفسير:

لن يَأْنف ولن يمتنع المسيح أن يكون عبدًا لله، وكذلك لن يأنَفَ الملائكة المُقَرَّبون من الإقرار بالعبودية لله تعالى. ومن يأنف عن الانقياد والخضوع ويستكبر فسيحشرهم كلهم إليه يوم القيامة، ويفصلُ بينهم بحكمه العادل، ويجازي كلا بما يستحق.

سبب النزول:

نقل الواحدي عن الكلبي: "إن وفد نجران قالوا: يا محمد تعيب صاحبنا؟ قال: «ومن صاحبكم؟ » قالوا: عيسى، قال: «وأي شيء أقول فيه؟ » قالوا تقول إنه عبد الله ورسوله، فقال لهم: «إنه ليس بعار لعيسى أن يكون عبد الله»، قالوا: بلى، فنزلت: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله} الآية" (٧).

قوله تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} [النساء: ١٧٢]، أي: " لن يَأْنف ولن يمتنع المسيح أن يكون عبدًا لله" (٨).

قال ابن قتيبة: " أي: لن يأنف" (٩).

قال الزجاج: " أي: ليس يستنكف الذي تزعمون أنه إله أن يكون عبدا لله، فتأويل {لن يستنكف}: لن ينقبض " (١٠).

قال الطبري: أي: " لن يأنف ولن يستكبر المسيح من أن يكون عبدًا لله" (١١).

قال قتادة: " لن يحتشم المسيح أن يكون عبدًا الله" (١٢).

وقال الكلبي: " {لن يستنكف}: لن يتعظم" (١٣).


(١) انظر: تفسير ابن عرفة: ٢/ ٧٥.
(٢) انظر: شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة: ١٧٦.
(٣) معاني القرآن: ٢/ ١١٦.
(٤) معاني القرآن: ٢/ ١٢٥.
(٥) معاني القرآن: ٣/ ١٩٨.
(٦) شأن الدعاء: ١/ ٧٧.
(٧) اسباب النزول: ١٨٧.
(٨) التفسير الميسر: ١٠٥.
(٩) غريب القرآن: ١٣٧.
(١٠) معاني القرآن: ٢/ ١٣٥.
(١١) تفسير الطبري: ٩/ ٤٢٤.
(١٢) أخرجه الطبري (١٠٨٥٦): ص ٩/ ٤٢٤.
(١٣) انظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٥٨، ولم أقف عليه عن الكلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>