للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحسن: " «سبحان الله»: اسم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه" (١).

وقرأ الحسن: «إن يكون»، بكسر الهمزة ورفع النون: أى: سبحانه ما يكون له ولد (٢).

قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [النساء: ١٧١]، أي وله ما في السماوات والارض" خلقاً وملكاً وعبيدا، فكيف يكون له منهم صاحبة اول ولد" (٣).

قال الطبري: " لله ما في السموات وما في الأرض من الأشياء كلها ملكًا وخلقًا، وهو يرزقهم ويَقُوتهم ويدبِّرهم، فكيف يكون المسيح ابنًا لله، وهو في الأرض أو في السموات، غيرُ خارج من أن يكون في بعض هذه الأماكن؟ " (٤).

قال ابن كثير: " أي: الجميع ملكه وخلقه، وجميع ما فيها عبيده، وهم تحت تدبيره وتصريفه، وهو وكيل على كل شيء، فكيف يكون له منهم صاحبة أو ولد؟ كما قال في الآية الأخرى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام: ١٠١]، وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا. تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا. أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا. وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا. إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا. لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: ٨٨: ٩٥] " (٥).

قال الزمخشري: " بيان لتنزهه عما نسب إليه، يعنى أن كل ما فيهما خلقه وملكه، فكيف يكون بعض ملكه جزأ منه، على أن الجزء إنما يصح في الأجسام وهو متعال عن صفات الأجسام والأعراض" (٦).

قال أبو حيان: " إخبار لملكه بجميع من فيهن، فيستغرق ملكه عيسى وغيره. ومن كان ملكا لا يكون جزءا من المالك على أن الجزئية لا تصح إلا في الجسم، والله تعالى منزه عن الجسم والعرض" (٧).

قوله تعالى: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: ١٧١]، أي: " وكفى بالله وكيلا على تدبير خلقه وتصريف معاشهم، فتوكَّلوا عليه وحده فهو كافيكم" (٨).

قال القرطبي: " أي: لأوليائه" (٩).

قال الزمخشري: أي: " يكل إليه الخلق كلهم أمورهم، فهو الغنى عنهم وهم الفقراء إليه" (١٠).

قال أبو حيان: " أي كافيا في تدبير مخلوقاته وحفظها، فلا حاجة إلى صاحبة ولا ولد ولا معين" (١١).

قال النسفي: أي: " حافظاً ومدبراً لهما ولما فيهما ومن عجز عن كفاية أمر يحتاج إلى ولد يعينه" (١٢).

قال المراغي: " أي: كفى به حافظا ووكيلا إذا وكلوا أمورهم إليه، فهو غنى عن الولد، فإن الولد إنما يحتاج إليه أبوه ليعينه فى حياته، ويقوم مقامه بعد وفاته، والله تعالى منزه عن كل ذلك" (١٣).

قال البيضاوي: " تنبيه على غناه عن الولد فإن الحاجة إليه ليكون وكيلا لأبيه والله سبحانه وتعالى قائم بحفظ الأشياء كاف في ذلك مستغن عمن يخلقه أو يعينه" (١٤).

الفوائد:

١ - حرمة الغلو في الدين إذ هي من الأسباب الموجبة للابتداع والضلال.

٢ - تضمنت الآية إثبات الوحدانية لله تعالى.

٣ - حرمة القول على الله تعالى بدون علم مطلقاً والقول عليه بغير الحق بصورة خاصة.

٤ - نفي الولد لله سبحانه وتعالى.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٣١٦): ص ٤/ ١١٢٤.
(٢) انظر: الكشاف: ١/ ٥٩٤.
(٣) صقوة التفاسير: ٢٩٦، والتفسير الميسر: ١٠٥.
(٤) تفسير الطبري: ٩/ ٤٢٤.
(٥) تفسير ابن كثير: ٢/ ٤٨٠.
(٦) الكشاف: ١/ ٥٩٤.
(٧) البحر المحيط في التفسير: ٤/ ١٤٥.
(٨) التفسير الميسر: ١٠٥.
(٩) تفسير القرطبي: ٦/ ٢٥.
(١٠) الكشاف: ١/ ٥٩٤.
(١١) البحر المحيط في التفسير: ٤/ ١٤٥.
(١٢) تفسير النسفي: ١/ ٤١٩.
(١٣) تفسير المراغي: ٦/ ٣٢.
(١٤) تفسير البيضاوي: ٢/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>