للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يكون له منهم صاحبة أو ولد؟ وكفى بالله وكيلا على تدبير خلقه وتصريف معاشهم، فتوكَّلوا عليه وحده فهو كافيكم.

سبب النزول:

قال الواحدي: " نزلت في طوائف من النصارى حين قالوا عيسى ابن الله، فأنزل الله تعالى: {لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق} الآية" (١).

قال البغوي: " نزلت في النصارى وهم أصناف: اليعقوبية والملكانية والنسطورية والمرقوسية فقالت اليعقوبية: عيسى هو الله، وكذلك الملكانية، وقالت النسطورية: عيسى هو ابن الله، وقالت: المرقوسية ثالث ثلاثة، فأنزل الله تعالى هذه الآية" (٢).

قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: ١٧١]، أي: " يا أهل الإنجيل لا تتجاوزوا الاعتقاد الحق في دينكم" (٣).

قال البغوي: أي: " لا تشددوا في دينكم فتفتروا على الله" (٤).

عن قتادة: في قوله: " {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}، قال: لا تبتدعوا" (٥).

وقال الحسن: " لا تعتدوا (٦).

وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: " الغلو: فراق الحق وكان مما غلوا فيه أن دعوا لله صاحبة وولدا -سبحانه وتعالى-" (٧).

قال التستري: " أي لا تجاوزوا دينكم بالبدع، وتعدلوا عن الحق، وهو الكتاب والسنة والإجماع، ميلا إلى هوى نفوسكم" (٨).

قال الزجاج: " الغلو: مجاوز القدر في الظلم" (٩).

قال الماوردي: "والغلو: مجاوزة الحد، ومنه غلاء السعر، إذا جاوز الحد في الزيادة، وغلا في الدين، إذا فرط في مجاوزة الحق" (١٠).

قال السمعاني: "الغلو: غير محمود في الدين" (١١).

روى ابن عباس عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " إياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم بالغلو" (١٢).

قال الماتريدي: " والغلو في الدين: هو المجاوزة عن الحد الذي حد لهم، وكذلك الاعتداء: هو المجاوزة عن الحد الذي أحد لهم، في الفعل وفي النطق جميعا.

وقال بعضهم: تفسير الغلو ما ذكر: {ولا تقولوا على الله إلا الحق}؛ فالقول على الله بما لا يليق به غلو.

وقيل: لا تغلوا: أي: لا تعمقوا في دينكم، ولا تشددوا؛ فيحملكم ذلك على الافتراء على الله، والقول بما لا يحل ولا يليق" (١٣).

وفي الخطاب الموجه في قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: ١٧١]، قولان:

أحدهما: أنه خطاب للنصارى خاصة (١٤)، اختاره السمعاني (١٥).


(١) أسباب النزول: ١٨٧.
(٢) تفسير البوغي: ٢/ ٣١٣.
(٣) التفسير الميسر: ١٠٥.
(٤) تفسير البغوي: ٢/ ٣١٤.
(٥) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٣٠٣): ص ٤/ ١١٢٢.
(٦) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٣٠٥): ص ٤/ ١١٢٢.
(٧) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٣٠٤): ص ٤/ ١١٢٢.
(٨) تفسير التستري: ٥٧.
(٩) معاني القرىن: ٢/ ١٣٥.
(١٠) النكت والعيون: ١/ ٥٤٦.
(١١) تفسير السمعاني: ١/ ٥٠٥.
(١٢) أخرجه أحمد "١٨٥٤"، والنسائي "٣٠٥٩"، وابن ماجه "٣٠٢٩". وصححه بن خزيمة وابن حبان والحاكم.
(١٣) تفسير الماتريدي: ٣/ ٤٢٤.
(١٤) انظر: النكت والعيون: ١/ ٥٤٦.
(١٥) انظر: تفسير السمعاني: ١/ ٥٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>