للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص: ٤٧] " (١).

وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود، -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أحَدَ أغَيْرَ من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظَهَر منها وما بطن، ولا أحدَ أحبَّ إليه المدحُ من الله، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحدَ أحَبَّ إليه العُذر من الله، من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين" وفي لفظ: "من أجل ذلك أرسل رسله، وأنزل كتبه» " (٢).

قال السمرقندي: " ولو إن الله تعالى لم يرسل رسولا كان ذلك عدلا منه إذ أعطى كل واحد من خلقه من العقل ما يعرفه، ولكن أرسل تفضلا منه، ولكي يكون زيادة في الحجة عليهم" (٣).

قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٦٥]، أي: " وكان الله عزيزًا في ملكه، حكيمًا في تدبيره" (٤).

قال السمرقندي: أي: " {عزيزا} بالنقمة لمن يجحده، {حكيما}، حكم إرسال الرسل والأنبياء عليهم السلام" (٥).

قال الطبري: " يقول: ولم يزل الله ذا عِزة في انتقامه ممن انتقم منه من خلقه، على كفره به، ومعصيته إياه، بعد تثبيته حجَّتَه عليه برسله وأدلَّتَه " حكيمًا "، في تدبيره فيهم ما دبّره" (٦).

الفوائد:

١ - بيان الحكمة في إرسال الرسل، وهي الحجة على الناس يوم القيامة.

قال السعدي: " فلم يبق للخلق على الله حجة لإرساله الرسل تترى يبينون لهم أمر دينهم ومراضي ربهم ومساخطه وطرق الجنة وطرق النار فمن كفر منهم بعد ذلك فلا يلومن إلا نفسه" (٧).

٢ - أن الله أرسل الرسل مبشرين لمن أطاع الله واتبعهم بالسعادة الدنيوية والأخروية ومنذرين من عصى الله وخالفهم بشقاوة الدارين.

٣ - أن من كمال عزته تعالى وحكمته، أن أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب وذلك أيضا من فضله وإحسانه حيث كان الناس مضطرين إلى الأنبياء أعظم ضرورة تقدر فأزال هذا الاضطرار فله الحمد وله الشكر ونسأله كما ابتدأ علينا نعمته بإرسالهم أن يتمها بالتوفيق لسلوك طريقهم إنه جواد كريم (٨).

٤ - ومن اسمائه تعالى: «العزيز»: " هو المنيع الذي لا يغلب" (٩)، و «الحكيم»: " هو المحكم لخلق الأشياء" (١٠).


(١) تفسير ابن كثير: ٢/ ٤٧٥.
(٢) صحيح البخاري برقم (٤٦٣٤) وصحيح مسلم برقم (٢٧٦٠).
(٣) بحر العلوم: ١/ ٣٥٨.
(٤) التفسير الميسر: ١٠٤.
(٥) بحر العلوم: ١/ ٣٥٨.
(٦) تفسير الطبري: ٩/ ٤٠٨.
(٧) تفسير السعدي: ٢١٤.
(٨) انظر: تفسير السعدي: ٢١٤.
(٩) شأن الدعاء: ١/ ٤٧.
(١٠) شأن الدعاء: ١/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>