للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)} [النساء: ١٦٥]

التفسير:

أرسَلْتُ رسلا إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي، ومنذرين بعقابي; لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل. وكان الله عزيزًا في ملكه، حكيمًا في تدبيره.

قوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [النساء: ١٦٥]، أي: " أرسَلْتُ رسلا إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي، ومنذرين بعقابي" (١).

عن ابن عباس: " قوله: {مبشرا}، قال: مبشرا بالجنة" (٢)، " قوله: {نذيرا}، قال: نذيرا من النار" (٣).

قال مقاتل: " {مبشرين} بالجنة، {ومنذرين} من النار" (٤).

قال ابن كثير: " أي: يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات، وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب" (٥).

قال السمرقندي: " أي: أرسلنا رسلا مبشرين بالجنة ومنذرين بالنار" (٦).

قال الثعلبي: " سمى الله تعالى النبيين بهذين الاسمين، فقال: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: ٢١٣]، ثم سمى المرسلين خاصة بهذا الإسم، فقال: {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [النساء: ١٦٥]، ثم سمى نبينا خاصة بهذين الاسمين، فقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (٩)} [الفتح: ٨ - ٩] " (٧).

قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، أي: " لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل" (٨).

قال السدي: " فيقولوا: ما أرسلت إلينا رسلا" (٩).

عن أبي مالك قوله: " {لئلا}، يعني: لكيلا" (١٠).

قال مقاتل: " فيقولوا يوم القيامة: لم يأتنا لك رسول" (١١).

قال مكي بن أبي طالب: " أي: كيلا يقولوا: هلا {أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ} [طه: ١٣٤ - القصص: ٤٧] " (١٢).

قال الثعلبي: أي: " فيقول: ما أرسلت إلينا رسولا فنتبع وما أنزلت علينا كتابا. وقال في آية أخرى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] " (١٣).

قال الزجاج: أي: " يبين، لأن الشاهد هو المبين لما يشهد به، فالله جل وعز يبينه ويعلم مع إبانته أنه حق" (١٤).

قال ابن كثير: " أي: أنه تعالى أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة، وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه؛ لئلا يبقى لمعتذر عذر، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طه: ١٣٤]، وكذا قوله تعالى: {وَلَوْلا أَنْ


(١) التفسير الميسر: ١٠٤.
(٢) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٢٩١): ص ٤/ ١١٢٠.
(٣) أخرجه ابن ابي حاتم (٦٢٩٢): ص ٤/ ١١٢٠.
(٤) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٢٣.
(٥) تفسير ابن كثير: ٢/ ٤٧٥.
(٦) بحر العلوم: ١/ ٣٥٨.
(٧) الكشف والبيان: ٣/ ٤١٦.
(٨) التفسير الميسر: ١٠٤.
(٩) أخرجه الطبري (١٠٨٤٩): ص ٩/ ٤٠٨.
(١٠) أخرجه ابن أبي حاتم (٦٢٩٣): ص ٤/ ١١٢٠.
(١١) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٢٣.
(١٢) الهداية إلى بلوغ النهاية: ٢/ ١٥٣٥.
(١٣) الكشف والبيان: ٣/ ٤١٦.
(١٤) معاني القرآن: ٢/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>