للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإظهار الحاجة إليه؛ وذلك أن «الدعاء مخ العبادة» (١)، مثله -مما لا يجوز غيره، وقد تعبدنا بالدعاء به-: قوله -تعالى-: {قال رب احكم بالحق} [الأنبياء: ١١٢]، وقوله: {فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك} [غافر: ٧] " (٢).

وقال القرظي: "إن الملائكة تسأل لهم ذلك؛ وهو قوله: {ربنا وأدخلهم جنات} [غافر: ٨] " (٣). واختار الزجاج هذا القول (٤).

قال الزجاج والفراء والنحاس: " يريد على ألسنة رسلك، مثل: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢]} " (٥).

قال ابن أبي زمنين: " أي: على ألسنة رسلك؛ وعد الله المؤمنين على ألسنة رسله أن يدخلهم الجنة إذا أطاعوه" (٦).

قال مكي: " أي: يقولون: ربنا آتنا ما وعدتنا على لسان رسلك: وهو الجنة وهذا سؤال وطلب، ومعناه الخبر، لأن الله تعالى منجز وعده من غير سؤال، ومعناه وتوفنا مع الأبرار لتؤتينا ما وعدتنا فهذا معناه، لأنهم قد علموا أن الله لا يخلف الميعاد، ولكنه خبر" (٧).

قال الطبري: أي: " ربنا أعطنا ما وعدتنا على ألسن رسلك: أنك تُعلي كلمتك كلمةَ الحق، بتأييدنا على من كفر بك وحادَّك وعبد غيرك وعجَل لنا ذلك" (٨).

روي عن ابن جريج، "قوله: {ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك}، قال: يستنجز موعود الله على رُسله" (٩).

وقال السمرقندي: " يعني: أعطنا ما وعدتنا من الخير والجنة على لسان رسلك. ويقال: هو ما ذكر من استغفار الملائكة والأنبياء للمؤمنين، وهو قوله: {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض} [الشورى: ٥] وما ذكر من دعاء نوح وإبراهيم- عليهم السلام- للمؤمنين" (١٠).

وفي تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} [آل عمران: ١٩٤]، وجوه (١١):

أحدها: أن المعنى: وآتنا ما وعدتنا على ألسن رسلك، قاله ابن عباس في رواية الكلبي عنه (١٢)، ومقاتل (١٣)، واختاره الزجاج (١٤)، والفراء (١٥)، والنحاس (١٦)، ابن كثير (١٧).


(١) هذا نص حديث، أخرجه بهذا اللفظ: الترمذي في "السنن" ٥/ ٤٥٦ رقم (٣٣٧١). كتاب: الدعاء. باب: (من فضل الدعاء)، عن أنس بن مالك، من طريق ابن لهيعة، وقال الترمذي: (حديث غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة).
وورد بلفظ: (الدعاء هو العبادة)، أخرجه: الترمذي في "السنن" رقم (٢٩٦٩) كتاب: "التفسير": باب (من سورة البقرة). وقال: (حسن صحيح)، رقم (٣٢٤٧) كتاب: التفسير. باب (ومن سورة المؤمن)، رقم (٣٣٧٢) كتاب: الدعاء. باب: (ما جاء في فضل الدعاء).
وأحمد في "المسند" ٤/ ٢٧١، والحاكم في "المستدرك" ١/ ٤٩١. وقال: (صحيح الإسناد)، ووافقه الذهبي.
وابن ماجه في "السنن" رقم (٣٨٢٨) كتاب: الدعاء باب (فضل الدعاء).
وأبو داود في "السنن" رقم (١٤٧٩) كتاب: الصلاة باب (الدعاء).
وابن حبان في صحيحه - انظر: "الإحسان" ٣/ ١٧٢ رقم: (٨٩٠).
وابن أبي شيبة في "مصنفه" ٦/ ٢١ - ٢٢ رقم (٢٩١٥٨).
والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (٧١٤)، والطيالسي في "مسنده" ٢/ ١٤٦ (٨٣٨)، والبغوي في "شرح السنة" ٥/ ١٨٤ رقم (١٣٨٤).
(٢) التفسير البسيط للواحدي: ٦/ ٢٦٢.
(٣) التفسير البسيط، للواحدي: ١٦/ ٤٣٠.
(٤) انظر: معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٦٠. و"تفسير السمرقندي: ١/ ٢٧٤، ولم ينسبه كما سيأتي.
(٥) معاني القرآن للزجاج: ١/ ٤٩٩، ومعاني القرآن للفراء: ٢/ ٢٦، ومعاني القرآن للنحاس: ١/ ١٩٤.
(٦) تفسير ابن أبي زمنين: ١/ ٣٤١.
(٧) الهداية إلى بلوغ النهاية: ٢/ ١٢٠٥.
(٨) تفسير الطبري: ٧/ ٤٨٥.
(٩) أخرجه الطبري (٨٣٦٦): ص ٧/ ٤٨٥.
(١٠) تفسير السمرقندي: ١/ ٢٧٤.
(١١) انظر: تفسير الماتريدي: ٢/ ٥٦٣.
(١٢) انظر: للواحدي: ١/ ٤٣٥. ولم أقف على مصدر قوله.
(١٣) انظر: تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٢٢.
(١٤) انظر: معاني القرآن: ١/ ٤٩٩.
(١٥) انظر: معاني القرآن: ٢/ ٢٦.
(١٦) انظر: معاني القرآن: ١/ ١٩٤
(١٧) انظر: تفسير ابن كثير: ٢/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>