للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - ومنها: تهديد الإنسان من المخالفة؛ لأنه لما أمر بالتقوى قال تعالى: {واعلموا أنكم ملاقوه}.

١٣ - ومنها: أن من البلاغة إذا أخبرت إنساناً بأمر هام أن تقدم بين يدي الخبر ما يقتضي انتباهه؛ لقوله تعالى: {واعلموا}؛ وهذا مما يزيد الإنسان انتباهاً وتحسباً لهذه الملاقاة.

١٤ - ومنها: أن المؤمنين ناجون عند ملاقاة الله؛ لقوله تعالى: {وبشر المؤمنين}.

١٥ - ومنها: أن البشارة للمؤمنين مطلقة، حيث قال تعالى: {وبشر المؤمنين}.

١٦ - ومنها: أن البشارة للمؤمنين في الدنيا، وفي الآخرة؛ ووجهه: عدم التقييد؛ وقد قال الله سبحانه وتعالى في آية أخرى: {لهم البشرى في الحياة وفي الآخرة} [يونس: ٦٤]؛ وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال: «الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له» (١).

١٧ - ومنها: تحذير غير المؤمنين من هذه الملاقاة؛ لقوله تعالى: {وبشر المؤمنين}؛ فدل ذلك على أن غير المؤمنين لا بشرى لهم.

١٨ - ومنها: فضيلة الإيمان؛ لأن الله علق البشارة عليه؛ فقال تعالى: {وبشر المؤمنين}.

القرآن

{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤)} [البقرة: ٢٢٤]

التفسير:

ولا تجعلوا -أيها المسلمون- حلفكم بالله مانعًا لكم من البر وصلة الرحم والتقوى والإصلاح بين الناس: بأن تُدْعَوا إلى فعل شيء منها، فتحتجوا بأنكم أقسمتم بالله ألا تفعلوه، بل على الحالف أن يعدل عن حلفه، ويفعل أعمال البر، ويكفر عن يمينه، ولا يعتاد ذلك. والله سميع لأقوالكم، عليم بجميع أحوالكم.

اختلف في سبب نزول الآية على أقوال (٢):

أحدها: قال الكلبي: "نزلت في عبد الله بن رواحة ينهاه عن قطيعة ختنه بشير بن النعمان، وذلك أن ابن رواحة حلف أن لا يدخل عليه أبدا، ولا يكلمه، ولا يصلح بينه وبين امرأته ويقول: قد حلفت بالله أن لا أفعل، ولا يحل لي إلا أن أبر في يميني، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم} الآية" (٣).

والثاني: وقال سعيد بن المسيب: "كان الإيلاء من ضرار أهل الجاهلية، كان الرجل لا يريد المرأة ولا يحب أن يتزوجها غيره فيحلف أن لا يقربها أبدا، وكان يتركها كذلك لا أيما ولا ذات بعل، فجعل الله تعالى الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر وأنزل الله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم} الآية" (٤).

والثالث: قال مقاتل بن سليمان: " نزلت في أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- وفي ابنه عبد الرحمن. حلف أبو بكر- رضي الله عنه- ألا يصله حتى يسلم. وذلك أن الرجل كان إذا حلف قال: لا يحل إلا إبرار القسم. فأنزل الله- عز وجل- {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم}، يقول: لا يحلف على ما هو في معصية" (٥).

والرابع: ةقال ابن جريج: " نزلت في أبي بكر، في شأن مِسْطَح" (٦).


(١) أخرجه أحمد ٥/ ٣١٥، ٢٣٠٦٢، وأخرجه ابن ماجة ص ٢٧٠٩، كتاب تعبير الرؤيا، باب ١: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، حديث رقم ٣٨٩٨، وأورده الألباني في صحيح ابن ماجة ٢/ ٣٣٨، حديث رقم ٣١٤٦.
(٢) انظر: أسباب النزول: ٧٨ - ٧٩، والعطاب: ١/ ٥٧٦ - ٥٧٩، وتفسير القرطبي: ٣/ ٩٧.
(٣) أسباب النزول: ٧٩.
(٤) أسباب النزول: ٧٩.
(٥) تفسير مقاتل: ١/ ١٩٢، والعجاب/ ١/ ٥٧٦.
(٦) تفسير الطبري (٤٣٦٨): ص ٤/ ٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>