للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله تعالى: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: ١٧٤]، وجوه (١):

أحدها: معناه: يغضب عليهم، كما تقول: فلان لا يكلم فلانا، تريد هو غضبان عليه.

الثاني: وقيل: المعنى: ولا يرسل إليهم الملائكة بالتحية.

الثالث: أن المعنى: لا يسمعهم الله كلامه، ويكون الأبرار وأهل المنزلة الذين رضي الله عنهم يسمعون كلامه. أجازه الزجاج (٢).

قوله تعالى: {وَلا يُزَكِّيهِمْ} [البقرة: ١٧٤]، أي: " ولا يطهِّرهم من دَنس ذنوبهم وكفرهم" (٣).

وقال الزجاج: "لا يثني عليهم خيرا ولا يسميهم أزكياء" (٤).

قال الصابوني: " أي لا يطهرهم من دنس الذنوب" (٥).

قال ابن عثيمين: " أي لا يثني عليهم بخير" (٦).

قال المراغي: "أي ولا يطهرهم من دنس الذنوب بالمغفرة والصفح عنهم إذا ماتوا وهم مصرّون على كفرهم" (٧).

قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: ١٧٤]؛ " أي: ولهم عذاب شديد الألم موجع" (٨).

قال الطبري: أي "موجع" (٩).

قال ابن عثيمين: " والعذاب هو النكال، والعقوبة" (١٠).

الفوائد:

١ - من فوائد الآية: وجوب نشر العلم؛ لقوله تعالى: {إن الذين يكتمون}؛ ويتأكد وجوب نشره إذا دعت الحاجة إليه بالسؤال عنه؛ إما بلسان الحال؛ وإما بلسان المقال.

٢ - ومنها: أن الكتب منزلة من عند الله؛ لقوله تعالى: {ما أنزل الله من الكتاب}.

٣ - ومنها: علو الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {ما أنزل الله}؛ فإن لازم النزول من عنده أن يكون سبحانه وتعالى عالياً.

٤ - ومنها: أن هذا الوعيد على من جمع بين الأمرين: {يكتمون}، و {يشترون}؛ فأما من كتم بدون اشتراء؛ أو اشترى بدون كتم فإن الحكم فيه يختلف؛ إذا كتم بدون اشتراء فقد قال الله سبحانه وتعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} [البقرة: ١٥٩]؛ وهذا يدل على أن كتمان ما أنزل الله من كبائر الذنوب؛ ولكن لا يستحق ما ذُكر في الآية التي نحن بصدد تفسيرها؛ وأما الذين يشترون بما أنزل الله من الكتاب ثمناً قليلاً بدون كتمان فقد قال الله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} [هود: ١٥، ١٦].

فالناس في كتمان ما أنزل الله ثلاثة أقسام:


(١) انظر: معاني القرآن للزجاج: ١/ ٢٤٥، وتفسير القرطبي: ٢/ ٢٣٥.
(٢) انظر: معاني القرآن: ١/ ٢٤٥.
(٣) تفسير الطبري: ٣/ ٣٣٠.
(٤) تفسير القرطبي: ٢/ ٢٣٥.
(٥) صفوة التفاسير: ١/ ١٠٢.
(٦) تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٢٦٢.
(٧) تفسير المراغي: ٢/ ٥١.
(٨) تفسير المراغي: ٢/ ٥١.
(٩) تفسير الطبري: ٣/ ٣٣٠.
(١٠) تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>