للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البيضاوي: " لأنه لا تنقطع محبتهم لله تعالى، بخلاف محبة الأنداد فإنها لأغراض فاسدة موهومة تزول بأدنى سبب، ولذلك كانوا يعدلون عن آلهتهم إلى الله تعالى عند الشدائد، ويعبدون الصنم زماناً ثم يرفضونه إلى غيره" (١).

قال الصابوني: " أي حب المؤمنين لله أشدُّ من حب المشركين للأنداد" (٢).

روي عن أبي العالية، في قوله: {والذين آمنوا أشد حبا لله}، قال: "من أهل الأوثان لأوثانهم" (٣). وروي عن الربيع، ومجاهد، وقتادة ونحو ذلك (٤).

وقال ابن عباس في قوله: {أشد حبا لله}: أي" أثبت وأدوم، وذلك أن المشركين كانوا يعبدون صنما فإذا رأوا شيئا أحسن منه تركوا ذلك، وأقبلوا على عبادة الأحسن" (٥).

وقال عكرمة: "أشد حبا في الآخرة" (٦).

وقال قتادة: " إن الكافر يعرض عن معبوده في وقت البلاء ويقبل على الله عز وجل لقوله: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: ٦٥] " (٧).

قال ابن عثيمين: "وإما أن المفضل عليه حب هؤلاء لله؛ فيكون المعنى: أن الذين آمنوا أشد حباً لله من هؤلاء لله؛ وكلا الاحتمالين صحيح؛ أما الأول فلأن حب المؤمنين لله يكون في السراء، والضراء؛ وحب هؤلاء لأصنامهم في السراء فقط؛ وعند الضراء يلجؤون إلى الله عز وجل؛ فإذاً ليس حبهم الأصنام كحب المؤمنين لله عز وجل؛ ثم إن بعضهم يصرح، فيقول: «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى»؛ وأما الاحتمال الثاني في الآية فوجه التفضيل ظاهر؛ لأن حب المؤمنين لله خالص لا يشوبه شيء؛ وحب هؤلاء لله مشترك: يحبون الله، ويجعلون معه الأصنام نداً" (٨).

فالمؤمنون "لا يختارون على الله ما سواه والمشركون إذا اتخذوا صنما ثم رأوا أحسن منه طرحوا الأول واختاروا الثاني قال قتادة: إن الكافر يعرض عن معبوده في وقت البلاء ويقبل على الله تعالى كما أخبر الله عز وجل عنهم فقال: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين} (٦٥ - العنكبوت) والمؤمن لا يعرض عن الله في السراء والضراء والشدة والرخاء (٩).

وقرأ أبو رجاء العطاردي: {يَحبونهم} بفتح الياء. وكذلك ما كان منه في القرآن، وهي لغة، يقال: حببت الرجل فهو محبوب (١٠).

قال الفراء: أنشدني أبو تراب (١١):

أحب لحبها السودان حتى ... حببت لحبها سود الكلاب

قوله تعالى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [البقرة: ١٦٥]، " أي لو رأى الظالمون حين يشاهدون العذاب المعدّ لهم يوم القيامة أَن القدرة كلها لله وحده" (١٢).


(١) تفسير البيضاوي: ١/ ١١٧.
(٢) صفوة التفاسير: ١/ ٩٩.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٤٨٤): ص ١/ ٢٧٦.
(٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٢٧٦.
(٥) ذكره الثعلبى في "تفسيره: ٢/ ٣٣، والسمعاني في "تفسيره: ٢/ ١٢١، والبغوي: ١/ ١٧٨ ولم ينسبه لابن عباس.
(٦) ذكره الثعلبي في تفسيره: ٢/ ٣٣.
(٧) ذكره الثعلبي في تفسيره: ٢/ ٣٤.
(٨) تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٩٨.
(٩) انظر: الوسيط للواحدي: ١/ ٢٣٦.
(١٠) انظر: تفسير الثعلبي: ٢/ ٣٤، وتفسير القرطبي: ٢/ ٢٠٤.
(١١) معاني القران للفراء: ١/ ١٣٥، والبيت من شواهد تفسير القرطبي: ٢/ ٢٠٤. ورد فى عيون الأخبار ٤/ ٤٣ غير معزوّ.
(١٢) صفوة التفاسير: ١/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>