للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مازال يرتفع ويدوي، وبدأت ثمراته تظهر بعد حي، ن فقد بايع أمير العيينة في السنة الثانية من قيام الشيخ (سنة ١١٥٨ هـ أو ١١٥٩ هـ) وعاهد على إقامة الحدود الشرعية، وجاء أهل حريملاء أيضا بعد أيام قلائل وبايعوا أيضا.

ومن ناحية أخرى كانت مساعدات الأمير محمد بن سعود تنهال عليه انهيالا، فقد كان يأتي بجميع أموال الزكاة والخمس ويلقيها بين يدي الشيخ، يتصرف فيها كيفما يشاء، وكان الشيخ ينفقها في سبيل الله بلا تردد ولا إقتار، والأمير محمد بن سعود، وكذلك وفي عهده عبد العزيز بن محمد بن سعود (م سنة ١١٧٩ هـ/ ١٨٦٥ م الذي تولى الإمارة بعد وفاة والده في سنة ١١٧٩ هـ) ما كانا يحركان ساكنا إلا بعد استشارة من الشيخ وإذن منه، ولكن الشيخ كان ورعا زاهدا، فلم يكن يدخر حبة واحدة من هذه الأموال، بل كل ما يجئ إليه ينفقه في سبيل الله. قال ابن بشر: "وكان الشيخ - رحمه الله - لما هاجر إليه المهاجرون تحمل الدين الكثير في ذمته لمؤنتهم وما يحتاجون إليه، وفي حوائج الناس، وجوائز الوفد إليه من أهل البلدان والبوادي، وذكر له أنه حين فتح الرياض كان في ذمته أربعون ألف نجدية فقضاها من غنائمها١.

واستمرت سلسلة الديون والإنفاق في سبيل الله إلى فتح الرياض، وأما بعد فتح الرياض٢ فقد اطمأن الشيخ بنجاح دعوته إلى حد ما، ففوض الأمور كلها إلى الأمير عبد العزيز، وتخلى من أمور بيت المال ووجه كل عنايته وجهوده إلى التعليم والتدريس، ولكن عبد العزيز ما كان يتصرف إلا بإذن من الشيخ وإشارة منه.

الدعوة خارج حدود نجد:

كانت دعوة الشيخ محصورة في نواحي نجد حتى الآن، ولكنها كانت دعوة عامة، فما كان نجد وحده يحتاج إلى إصلاح، بل العالم الإسلامي كله كان في غاية الانحطاط، ولكن بداية الإصلاح تكون من البيت، فلذلك كان من الطبيعي أن تكون العيينة


١ عنوان المجد ١: ١٥.
٢ فتح الرياض في ربيع الآخر سنة ١١٨٧ هـ أو بعده (يونيو سنة ١٧٧٣ م) عنوان المجد.

<<  <   >  >>