للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا بدَّ أن يكون داخلًا فيه لا يجوز إخراجه منه، وظاهره أن كل حج يجوز أن يدخل فيه عمرة، سواء كان قد أحرم بها ابتداء، أو حلَّ من الحج بعمرة ثم أهلَّ بالحج. وليس المراد بذلك جواز فعل العمرة في أشهر الحج، سواء حج أو لم يحج؛ لأن قوله [ق ٢٠٨] في الحج حقيقةٌ (١) في الفعل، ولاسيَّما وقد شبَّك - صلى الله عليه وسلم - بين أصابعه، واليدان كل واحدة منهما (٢) من جنس الأخرى، فلا بدَّ أن يكون (٣) الداخل من جنس المدخول فيه.

وأيضًا فقد قال سُراقة بن جُعشم هذا وهو بعُسْفان: اقْضِ لنا قضاءَ قومٍ كأنما وُلِدوا اليوم، فقال: «إن الله قد أدخلَ عليكم في حجِّكم عمرةً، فإذا قدمتم فمن تطوَّف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حلّ، إلا من كان معه الهدي» (٤). فبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك الحج الذي حجُّوه قد أدخل الله تعالى عليهم فيه عمرة، وإنما ذلك بأن يحلّوا من الحج ويجعلوها عمرة، ثم بيَّن أن إدخال العمرة في الحج إلى يوم القيامة. فهذا نص قاطع لا خفاء به أن كل حاجٍّ له أن يُدخِل في حجه عمرة، سواء كان أحرم بها (٥) من الميقات أو أحرم أولًا بالحج.

وأيضًا فإن كل من أمَّ هذا البيت يريد الوقوف بعرفة فهو حاجٌّ من حين يُحرِم من الميقات وإن أحرم أولًا بالعمرة، فإذا اعتمر في هذا الحج فقد أدخل في حجته عمرة، فلا مَعدلَ عن هذا الأمر الواضح البين.


(١) ق: «حقيقته».
(٢) «منهما» ليست في ق.
(٣) «يكون» ليست في س.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) «بها» ساقطة من المطبوع.