للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحج على المعضوب لما رأى الولد قد بذل الحج.

وأيضًا فإن الاستطاعة تحصل بالمباح كما تحصل بالمملوك، ويحصل به الوجوب كما يحصل بالمملوك، بدليل أن الوضوء يجب بالماء المبذول والمباح، والصلاة تجب في السترة المعارة، فيجب أن يحصل الحج أيضًا بالاستطاعة المبذولة من مال أو عمل. نعمْ ما عليه فيه منَّة لا يُبذَل بذلًا مطلقًا، لكن الغالب أنه لا بد أن يطلب منه باذلُه نوعَ عوضٍ ولو بالثناء أو الدعاء (١)، ويحصل عليه به مِنّة، فلا يجب عليه قبوله، كما لو بُذِلت له (٢) السترة ملكًا، أو بذل له أجنبي مالًا يحجّ به، أو يكفّر به.

وبذلُ الابن ليس فيه منّة ولا عوض، بل هو من كسبه وعمله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه» (٣). وقال: «أنت ومالك لأبيك» (٤).


(١) ق: «والدعاء».
(٢) «له» ساقطة من س.
(٣) أخرجه أحمد (٢٤٠٣٢)، وأبو داود (٣٥٢٨، ٣٥٢٩)، والترمذي (١٣٥٨) وحسّنه، والنسائي (٤٤٤٩ - ٤٤٥٢)، وابن ماجه (٢١٣٧)، وابن حبان (٤٢٦٠ - ٤٢٦١) والحاكم (٢/ ٤٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وفي إسناده اختلاف كثير، رجّح الترمذي والدارقطني في «العلل» (٣٦٠٠) أن الصواب رواية عُمارة بن عمير عن عمّته عن عائشة. وعمّته هذه مجهولة.
وللحديث شاهد حسن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، بنحوه وفيه زيادة: «أنت ومالك لأبيك»، وهو الحديث الآتي.
(٤) أخرجه أحمد (٦٦٧٨، ٧٠٠١)، وأبو داود (٣٥٣٠)، وابن ماجه (٢٢٩٢) من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو. وهذا الحديث أصح شيء في الباب. وروي من حديث جابر وعائشة وابن مسعود وابن عمر وغيرهم، ولكن أسانيدها لا تخلو من علّة أو ضعف. انظر: «التلخيص الحبير» (٣/ ١٨٩ - ١٩٠).