للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، وذلك قبل تحويل القبلة إلى الكعبة، فأصابهم الضَّباب، وحضرت الصلاة، فتحرَّوا القبلة، وصلَّوا. فمنهم من صلَّى قِبلَ المشرق، ومنهم من صلَّى قِبلَ المغرب، فلما ذهب الضَّباب استبان لهم أنهم لم يصيبوا. فلمَّا قدِموا سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فنزلت هذه الآية. فهذا وإن لم يكن مما يُحتَجُّ به منفردًا، فإنه يشُدُّ تلك الروايات ويقوِّيها.

وقد استدلَّ أحمد بهذه الآية وتأوَّلها على ذلك. قال: إذا تحرَّى (١) القبلة، ثم صلَّى، فعلِمَ بعدما صلَّى أنه صلَّى لغير القبلة مضت. فتأول (٢) بعض قول أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأينما تُولُّوا فثَمَّ وجهُ الله.

وقال في موضع آخر في الرجل يصلِّي لغير القبلة: لا يعيد، فأينما تولُّوا فثَمَّ وجه الله.

وهذا دليل على أن الصحابة تأوَّلوها على حال التحرِّي كما ذكرنا. ويشبه ــ والله أعلم ــ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن معهم تلك الليلة، وإنما كان قد سرَّاهم سريَّةً، فلما أصبحوا لقُوه، وقد قفلوا من وجههم (٣) ذاك. هكذا تدل عليه الروايات.


(١) في الأصل: «تحرَّوا»، والمثبت من المطبوع.
(٢) الفاء ليست واضحة في الأصل، وكذا وردت العبارة فيه. وقد يكون الصواب: «فتأوَّلَ تأوُّلَ بعض أصحاب ... ».
(٣) في الأصل والمطبوع: «وجوههم»، ولعل الصواب ما أثبت.