للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلُّ ذلك حسمًا لمادة الشرك صورةً ومعنًى، كما نهى سعدًا أن يدعو بإصبعين، وقال: «أحِّدْ أحِّدْ» (١)، وأن يقول الرجل ما شاء الله وشاء فلان (٢)، وأن يحلف الرجل بغير الله، وقال: «من حلَف بغير الله فقد أشرَكَ» (٣).

ولعلَّ بعض الناس يخيَّل إليه أنَّ ذلك كان في أول الأمر، لقرب العهد بعبادة الأوثان؛ وأنَّ هذه المفسدة قد أمِنت اليوم. وليس الأمر كما تخيَّله، فإنَّ الشركَ وتعلُّقَ القلوب بغير الله عبادةً واستعانةً غالبٌ على قلوب الناس في كلِّ وقت، إلا من عصَم الله. والشيطانُ سريعٌ إلى دعاء الناس إلى ذلك، وقد قال الحكيم الخبير {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦]، وقال إمام الحنفاء: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} [إبراهيم: ٣٥ - ٣٦]، وقد قال الناس


(١) أخرجه أبو داود (١٤٩٩)، والنسائي (١٢٧٣)، من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن سعد بن أبي وقاص به.
وصححه الحاكم (١/ ٥٣٦)، والألباني في «صحيح أبي داود: الكتاب الأم» (٥/ ٢٣٥)، وقد اختلف فيه على الأعمش، كما بينه الدارقطني في «العلل» (٤/ ٣٩٧)، وله شواهد من حديث أنس وأبي هريرة ورجل من الأنصار.
(٢) أخرجه أحمد (٢٣٢٦٥)، وأبو داود (٤٩٨٠)، من حديث حذيفة به.
وصححه النووي في «الأذكار» (٤٤٤)، وقال الذهبي في «المهذب» (٣/ ١١٤٥): «إسناده صالح»، ووقع في سنده اختلاف، انظر: «العلل الكبير» للترمذي (٢٥٤).
(٣) أخرجه أحمد (٦٠٧٢)، وأبو داود (٣٢٥١)، والترمذي (١٥٣٥)، من طرق عن الحسن بن عبيد الله، عن سعد بن عبيدة، عن ابن عمر به.