للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيا حبذا أعلام بيشة واللوى ... ويا حبذا أخشافها والجوارس

أقامت بها جسر بن عمر وأصبحت ... إياد بها قد ذل منها المعاطس (١)

تبدل دعمي بدعوى أخيهم ... سباسب آلٍ تحتويها الفوارس

والملاحم المتصلة بخروج إياد من الجزيرة وحروبهم مع العجم كثيرة، وروايتها من الدقة والصحة بحيث لا يكاد الشك يتطرق إليها، ولا ريب أن بعضها كان مكتوبًا كخبر لقيط الإيادي. وفيها معين خصب للباحث في عادات الجاهلية وطبائعها، أذكر من ذلك على سبيل المثال خبر قتالهم لكسرى أنو شروان وذبحهم الضحية البشرية قبل بدء المعركة.

وقد اتلأب تحبير القصص الملحمي الشعري في الطويل في صدر الإسلام وعهود بني أمية، ووجد من أيام صفين والجمل، والفتن التي تلتهما معينًا ثرًا يستمد منه. ولا تكاد صفحةٌ من كتاب صفني لنصر بن مزاحم تخلو من بيت طويل. بلى، إن رواة الشعر والأخبار أجمعوا كلهم على أن علي بن أبي طالب لم يصح له من الشعر إلا قوله يمدح صاحب لوائه على ربيعة:

لمن رايةٌ خضراء يخفق ظلها ... إذا قلت قدمها حضين تقدما

فقدمها حمراء حتى يرد بها ... حياض المنايا تقطر الموت والدما

وهذان البيتان من الطويل، وحضين هذا هو ابن المنذر من سادة ربيعة، وعمر عمرًا طويلاً.


(١) قوله الوذيم: عنى خيوط التمائم. والتخريس: هو صنع الخرس، طعام تطعمه النساء النفساء بحسب ما ذكر المعري، والخوارس: صانعاته. والعرانس: ضرب من الطيور مما لا يستحب تصويته، كما يبدو من شعر الشاعر. والأخشاف: الغزلان. والجوارس: النحل. والمعاطس: الأنوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>