أحم أزرق لم يشمط وقد صلعا
وليس قول حبيب «صفر الوجوه» بمبعد هذا الذي ذهبنا إليه من قصد الشعر، والصفرة والحمرة والصهبة كل ذلك في ألوان الشعر مباين لما يألف العرب ومثال حبيب الذي قاله اجتهاد منه وافتنان.
هذا، وقد جعل الدكتور طه حسين «ليالي بعد الظاعنين شكول» أميرة شعر أبي الطيب. وهي من الجياد الروائع. وليس مذهب أسلوبها كمذهب «السيف أصدق». وقد نبه الدكتور طه رحمه الله على أن أبا الطيب جاري فيها مجاراة استحسان لا محاكاة أو معارضة كلمة السموأل الحماسية. ولله دره ناقدًا متذوقًا. فالسمؤال يقول:
لنا جبل يحتله من نجيره ... منيع يرد الطرف وهو كليل
رسا أصله تحت الثرى وسما به ... إلى النجم فرع لا ينال طويل
تسيل على حد الظبات نفوسنا ... وليست على غير الظبات تسيل
صفونا فلم نكدر وأخلص سرنا ... إناث أطابت حلمنا وفحول
وأيامنا مشهورة في عدونا ... لها غرر مشهورة وحجول
وأسيافنا في كل غرب ومشرق ... بها من قراع الدارعين فلول
وكلمة السمؤال جرى فيها على مخاطبة امرأة من العرب كما يدل عليه السياق ومحل استشهادنا هذا الضمير الجهير «نا» وإياه اتبع أبو الطيب إذ يقول:
تمل الحصون الشم طوال نزالنا ... فتلقي إلينا أهلها وتزول
وإنا لنلقي الحادثات بأنفس ... كثير الرزايا عندهن قليل
يهون علينا أن تصاب جسومنا ... وتسلم أعراض لنا وعقول
وذكر العقول هنا وثبة من وثبات أبي الطيب ترفعه فوق المحاكاة البحتة. وفي هذه اللامية ضروب من المخاطبة، آنا يخاطب سيف الدولة وآنا يجرد من نفسه آخر يخاطبه:
سوى وجع الحساد داو فإنه ... إذا حل في قلب فليس يحول
وحينًا يخاطب الدمستق. ولا ريب أن القصص الحربي عنتري الروح يخاطب به التي لقيها بدرب القلة أو زعم ذلك.
ليست «ليالي بعد الظاعنين شكول» من ضرب «السيف أصدق» في نوع شكلها. ليس صاحبها على جهارة صوته فيها بخطيب. ولكنه صائح وصادح.
القصيدة التي فيها منهج بائية حبيب ميميته.: