للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عاد أسد بمدونته إلى تونس، ناشراً لما فيها من الفقه الحنفي المنهج، المالكي الأحكام، "ولاحظ عليه قرينه وقريعه سحنون أن فروعاً تختلف عما هو معروف من فتوى مالك بن أنس، وأن أسلوباً مؤسساً على الفقه مجرداً عن إسناد الفقه بالحديث أصبح هو المتحكم في هذا التصنيف الجديد" (١).

فمدونة أسد، وإن كانت فقهاً مالكياً إلا أن منهجها الحنفي يختلف عن منهج مالك الأثري، ومالك لم يكن راغباً في منهج فقهاء العراق، وسبق أن أبدى إعراضه عن ذلك المنهج صريحاً لأسد، ولذا لم تلق مدونة أسد الكثير من القبول، و"عزف الناس عن كتابه وقالوا: جئتنا بأخال، واحسب، وتركت الآثار، وما عليه السلف" (٢).

تصدى سحنون لهذه الثغرة فعاد بالمدونة إلى ابن القاسم، مقترحاً عليه إعادة النظر فيها، تصحيحاً، وترجيحاً: "وما وقفت عليه من قول مالك كتبته، وما لم تقف عليه تركته، وتكلمت فيه بما يظهر لك من ذلك" (٣)، ورجع سحنون إلى تونس يحمل بين يديه


(١) ومضات فكر (٢)، (ص ٣٠٣)؛ وانظر: أعلام الفكر الإسلامي (ص ٢٧ - ٢٨).
(٢) ترتيب المدارك (٣/ ٢٩٨)؛ الصراع المذهبي (ص ٥٢).
(٣) رياض النفوس (١/ ٢٦٣).

<<  <   >  >>