للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَلِم، فمَعنَى السلام عليك، أَيْ: تسليم اللَّه تعالى عليك؛ أي: تَسليمك من الآفات.

وهذا المَعنَى هو الصحيح: أنك إذا قُلْت للإنسان: السلام عليك. أنك تَسأَل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يُسلِّمه من الآفات؛ الآفات الحِسِّيَّة والمَعنَوية، فالسلامة الحِسِّيَّة سلامة البَدَن والعِرْض والمال، والسلامة المَعنَوية سلامة الدِّين من الآفات؛ لأن الإنسان محَوط بآفَتَيْن، آفة الدِّين وآفة الدُّنيا، والسلامة منهما جميعًا من أكبَرِ نِعَم اللَّه تعالى على العَبْد.

فإن قال قائِل: الإنسان إذا سلَّم ولم يَستَحضِرِ المَعنَى؟

فالجَوابُ: لا بُدَّ أن يَستَحضِر المَعنى وإلَّا كان لَغْوًا من القول، وأكثَرُ الناس عندما يُسلِّم يَستَحضِر أنها تحية فقَطْ، وكذلك الرَّدُّ، وهذا لا يَنبَغي، بل الذي يَنبَغي أن تَستَحضِر أنها دُعاء له بالسَّلامة من الآفات؛ لأنك إذا كنت لا تَستَحضِر إلَّا أنها تَحيَّة فلا فرقَ بينها وبين قولِك: (أهلًا وسَهْلًا)، بل ربما تَكون التَّحيَّة بـ (أهلًا وسَهْلًا، مَرْحبًا يا أبا فُلان، حيَّاك اللَّه وبَيَّاك)، وما أَشبَه ذلك من الكلِمات التَّرحيبية تَكون أبلَغَ من هذا.

وما دُمْنا لم نَقصِد المَعنَى الذي قصَدَه الشار صار لَفْظًا مجُرَّدًا، فيَنبَغي لنا إذا سلَّمنا على أحَد أن نَستَحضِر أننا نَدعو له بالسلامة من الآفات؛ ولهذا لو أَتَيْت بكل تَرحيب ما قابَل هذه الجُملةَ الدُّعائِية: أن تَدعوَ اللَّه تعالى له بالسلامة.

فالحاصِلُ: أن أكثَرَ الناس يَقولون: (السَّلام عليكم) من باب التَّحيَّة فقَطْ، ونحن يَنبَغي لنا أن نَستَحضِر المعانيَ في كل ما نَقول حتى الآنَ: التَّحيَّات للَّه -تاب اللَّه علينا وعليكم- هل نَستَحضِر معنى التَّحيَّات، ومَعنَى الصلَوات، ومَعنَى الطَّيِّبات أم أَلْفاظ تُقرَأ؟ !

<<  <   >  >>