يَتفَرَّع على الفائِدة السابِقة: أنه يَنبَغي للإنسان أن يَدفَع عن نفسه ما يُلام عليه به، فكل شيء تَخشَى أن يَلومك الناس فيه فادْفَعِ الشُّبْهة عن نفسك؛ ولهذا أصلٌ، فقَدْ خرَج الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مع زَوْجته ورآه رجُل فأَسرَعَ وراءَهُ، وقال له:"إِنَّهَا صَفِيَّةُ"(١).
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: استِعْمال أدوات التَّوْكيد فيما تَدعو الحاجة إليه؛ لقوله تعالى:{كُلُّهُنَّ} حتى لا يَتَوهَّم واهِم أن رِضَا بعضِهنَّ وانتِفاء الحُزْن عنه كافٍ في ذلك، بلِ الرِّضا يَكون للجَميع.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أن ما في القَلْب ممَّا لا يَملِكه الإنسان لا يُؤاخَذ عليه؛ لأنه لمَّا ذَكَرَ أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مخُيَّر قال:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} يَعنِي: من الشيء الذي لا تمَلِكونه؛ ولهذا لا يَحْرُم على الإنسان أن يُفضِّل إحدى نِسائِه على الأُخرى في المَحبَّة؛ لأن المَحبَّة محَلُّها القَلْب، ولا يُمكِن للإنسان أن يُسلِّط قلبه ويُسخِّره حتى يُحِبَّ وَيَكرَهَ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أن مَحَلَّ الإرادات هو القَلْب؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{مَا فِي قُلُوبِكُمْ} وهل المُرادُ بالقَلْب القلبُ الحِسِّيُّ أو القَلْب المَعنوِيُّ الذي هو العَقْل؟
الجَوابُ: القَلْب الحِسِّيُّ؛ لأن الصحيح أن القَلْب الحِسِّيُّ هو الذي عليه المَدار، كما قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ
(١) أخرجه البخاري: كتاب الاعتكاف، باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه، رقم (٢٠٣٨)، ومسلم: كتاب السلام، باب يستحب لمن رئي خاليا بامرأة. .، رقم (٢١٧٥)، من حديث صفية -رضي اللَّه عنها-.