للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في نفسه ما أَعلَمه اللَّه تعالى أنه سيَتَزَوَّجها، بدون أن يَكون هناك حُبٌّ وعَلاقة، لكن الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلِم بما أَعلَمه اللَّه تعالى أنه سيَتَزَوَّجها، فلمَّا جاء هذا الرجُلُ يَستَشيره قال -صلى اللَّه عليه وسلم- له: "اتَّقِ اللَّهَ" لا تُطلّقِ المرأةَ، فعاتَب اللَّه تعالى رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، لماذا قال له: اتَّقِ اللَّه وأَمسِكها! وقد عَلِم أنَّ اللَّه تعالى سيُزوِّجه إيَّاها، فالمَسأَلة واضِحة ليس فيها أيُّ إشكال.

ولكن المُشكِل أنَّ بعض المُفسِّرين يَأخُذون عن بعضٍ مِن غَيْر تمَحيص، ومِن غَيْر أن يَكون هناك تَرَوٍّ في المَسأَلة، حتى إنَّ بعض الناس اعتَذَر وقال: (إِنَّ محَبَّة الإنسانِ للمَرْأة ولو كانت عند زَوْجٍ آخَرَ أَمرٌ لا يُنكَر، إنَّما الذي يُنكَر أن يُحاوِل التَّوصُّل إلى هذه المَرأةِ بطريق غيرِ شَرعيٍّ، وأمَّا أن يَقَع في نَفْسه محَبَّة امرأةٍ عند زَوْج فهذا لا بَأسَ به، وهو أَمْر جِبِلِّيٌّ قد تَدْعو إليه الجِبِلَّة والطبيعة).

وهذا وإن كانتِ المَسأَلة تَحتاج إلى نظَر في هذا القولِ: وهو أنَّ مَحبَّة الإنسان لزوجة غيره إمَّا أن تَكون مَحبَّة للجِنْس، أو مَحبَّة للشَّخْص، فإن كان مَحبَّة للجِنْس فهذا أمر جائِز، أي: جِنْس هذا الطِّرازِ من النساء، وهذا المُراد بقَوْلي: (الجنس)، فإن كان محَبَّة للجِنْس يَعنِي: أنه يَرغَب مثل هذه المرأةِ فهذا لا بأسَ به، والإنسان دائِمًا إذا سمِع مثَلًا من امرأةِ رجُلٍ أنها امرأةٌ صالحِة قانِتة حافِظة للغَيْب بما حَفِظ اللَّه تعالى يُحِبُّها ويُحبُّ أن يَكون له مِثْلُها.

وأمَّا إذا كان حُبًّا شخصيًّا فعِندي أن في جَواز ذلك نظَرًا، وأنَّ الإنسان يَجِب عليه أن إذا تَعلَّقَت نَفْسُه بامرأة تَعلُّقًا شخصيًّا أو محَبَّة شَخْصية يَجِب عليه أن يُحاوِل التَّخلُّص من هذا؛ لأنَّها مُشكِلة، فالمَحبَّة -في الحقيقة- جذَّابة، المَحبَّة كأنها رِشًا من حديد يَجذِب الإنسان، فإذا تَعلَّق قلبه بامْرَأة فإن الغالِب أن يُحاوِل الوصول إليها؛

<<  <   >  >>