فقلت: أمتع الله بك هَذَا رجل من أهل العراق له فقه، وعقل؛ فَقَالَ: جعفر: لعله الذي يقيس الدين برأيه، ثم أقبل علَيَّ فَقَالَ: النعمان بْن ثابت؟ فَقَالَ: أَبُوْحَنِيْفَةَ: نعم، أصلحك الله! فقال: اتق الله ولا تقس الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس إِذ أمره الله بالسجود لآدم؛ فقال:{أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ [الأعراف: ١٢} ثم قَالَ: له جعفر: هَلْ تحسن أن تقيس رأسك من جسدك ? فقال: لا؛ قال: فأَخْبَرَنِي عَن الملوحة في العينين، وعن المرارة في الأذنين، وعن الماء في المنخرين، وعن العذوبة في الشفتين، لأي شيء جعل ذلك ?
قال: لا أدري.
قَالَ: جعفر: الله عز وجل خلق العينين فجعلهما شحمتين، وجعل الملوحة فيها ضناً منه على ابن آدم ولولا ذلك لذابتا، فذهبتا، وجعل المرارة في الأذنين ضناً منه عليه، ولولا ذلك لهجمت الدواب، فأكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصمد التنفس، وينزل ويجد منه الريح الطيبة من الريح الرديئة، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم طعم لذة مطعمه ومشربه.
ثم قَالَ: له جعفر: أَخْبَرَنِي عَن كلمة أولها شرك، وآخرها إيمان.
قَالَ: لا أدري ?
قَالَ: لا إله إِلَّا الله،
ثم قَالَ لَهُ: أيما أعظم عند الله قتل النفس أو الزنا ?
قال: لا، قتل النفس
قَالَ: له جعفر: إن الله عز وجل قد رضى في قتل النفس بشاهدين ولم يقبل في الزنا إِلَّا بأربعة.
ثم قال: أيما أعظم عند الله الصوم أم الصلاة؟
قال: لا بل الصلاة؛ قال: فما بال
المرأة إِذَا حاضت تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة، اتق الله يا عَبْد اللهِ إنا نقف نحن وأنت غداً ومن خالفنا بين يدي الله جل وعز، فنقول: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ عليه السلام: ويقول أنت وأصحابك: قَالَ: سمعنا ورأينا، ففعل بنا وبكم ما يشاء.