للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب بعض المفسرين إلى أن {مَا} هنا: موصولة بمعنى (الذي) والمعنى: الله خلقكم وخلق أصنامكم التي تعملونها، منهم: ابن جزي، وأبو حيان (١)، والشوكاني، والألوسي، وابن عاشور، وغيرهم. (٢)

وكونها (موصولة) هو الأظهر والله تعالى أعلم، بدلالة ظاهر السياق؛ فإن الكلام في تقرير الحجة على عبدة الأصنام،؛ إذ هو في مقام المحاجة بأن الأصنام أنفسها مخلوقة لله، وأيضاً ليتوجه التوبيخ لهم، ولئلا يلزم التناقض فإن النحت عملهم. (٣)

واختار ابن جزي كونها موصولة قال: (وقيل: إنها موصولة بمعنى الذي، والمعنى: الله خلقكم وخلق أصنامكم التي تعملونها، وهذا أليق بسياق الكلام، وأقوى في قصد الاحتجاج على الذين عبدوا الأصنام، وقيل: إنها نافية، وقيل: إنها استفهامية، وكلاهما باطل). (٤)

وقال ابن أبي العز: (لا نقول: أن {مَا} مصدرية، أي: خلقكم وعملكم؛ إذ سياق الآية يأباه؛ لأن إبراهيم عليه السلام إنما أنكر عليهم عبادة المنحوت، لا النحت، والآية تدل على أن المنحوت مخلوق لله تعالى، وهو ما صار منحوتاً إلا


(١) البحر المحيط (٩/ ١١٢) وضعَّف القول بأنها مصدرية، قال: (وكون (ما) مصدرية، واستفهامية، ونعتا، أقوال متعلقة خارجة عن طريق البلاغة.)
(٢) ينظر: التسهيل (٢/ ١٩٤)، وفتح القدير (٤/ ٤٦٢)، وروح المعاني (١٢/ ١١٨)، والتحرير والتنوير (٢٣/ ١٤٥).
(٣) ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور (٢٣/ ١٤٥)، وغرائب القرآن للنيسابوري (٥/ ٥٧٠)
(٤) التسهيل (٢/ ١٩٤)

<<  <   >  >>