للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدلالة الثانية من الآية:

قبح الاستكبار:

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (من فوائد الآية استقباح الاستكبار (١) وأنه يفضي بصاحبه إلى الكفر، وأن الأمر للوجوب، وأن الذي علم الله من حاله أنه يتوفى على الكفر هو الكافر على الحقيقة؛ إذ العبرة بالخواتيم، وإن كان بحكم الوقت الحاضر مؤمناً). (٢)

وجه الاستنباط:

قوله تعالى عن إبليس {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} فبيَّن علة عدم سجوده، وما أودى به استعظامه لنفسه من الكفر.

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة النص من الآية (مفهوم الموافقة) ذم الكبر وقبحه، وأنه يفضي بصاحبه إلى الكفر؛ لأنه تعالى قال عن إبليس {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} فبيَّن علة عدم سجوده، وأنه لم يكن للتردد أو للتأمل بل إباءً واستكباراً، فامتنع عما أُمر به واستكبر أن يُعظّم آدم - عليه السلام - فكرِه السجود في حقه واستعظمه في حق


(١) وهو غير التكبر، فالتكبر هو: أن يرى المرء نفسه أكبر من غيره، والاستكبار: طلب ذلك بالتشبع وهو التزين بأكثر ما عنده، والتكبر والكبرياء من الكِبر -بالكسر- وهو العظمة.
ويقال: كَبُر بالضم يَكْبُر: أي عَظُم فهو كبير. وقيل: الكِبْر: الإثم.
والاستكبار: التعظُّم، وهو استفعال من (كبُر) يشعر بالتكلّف؛ لأنها صفة غير أصيلة؛ لذا تثبُت في حق كل أحد سوى الله تعالى؛ ولذا لم يرد وصف الله بـ (المستكبر)، ووصف به غيره وسمى نفسه المتكبّر. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٢٤٤)، واللسان لابن منظور مادة (ك ب ر) (٥/ ١٢٥)، وتاج العروس (١/ ٣٤٣٩).
(٢) ينظر: السراج المنير (١/ ٤٩) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>