للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتعليمه أسماء كل شيء، وبأنه خلقه بيده، وبغير ذلك، فهو وصالحوا ذريته أفضل من الملائكة وإن كان هؤلاء مخلوقين من طين وهؤلاء مخلوقين من نور). (١)

وقال ابن القيم: (فإن الله سبحانه يخلق من المادة المفضولة ما هو أفضل من المخلوق من غيرها، وهذا من كمال قدرته سبحانه ولهذا كان محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح والرسل أفضل من الملائكة، ومذهب أهل السنة أن صالحي البشر أفضل من الملائكة). (٢)

وعلَّل ذلك في موضع آخرفقال: (صالح البشر أفضل من الملائكة، لأن الملائكة عبادتهم بريئة عن شوائب دواعي النفس والشهوات البشرية، فهي صادرة عن غير معارضة ولا مانع ولا عائق، وهي كالنفَس للحي. وأما عبادات البشر فمع منازعات النفوس، وقمع الشهوات ومخالفة دواعي الطبع فكانت أكمل، ولهذا كان أكثر الناس على تفضيلهم على الملائكة لهذا المعنى ولغيره). (٣)

وفصَّل بعضهم في المسألة (٤)، كالشيخ ابن عثيمين وغيره، فقد نصَّ على أن المفاضلة بين الملائكة وبين الصالحين من البشر محل خلاف بين أهل العلم، ثم قال: (والقول الراجح فيها أن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة باعتبار النهاية، فإن الله سبحانه وتعالى يؤدي لهم من الثواب ما لا يحصل مثله للملائكة فيما نعلم، بل إن الملائكة في مقرهم- أي: في مقر الصالحين، وهو الجنة - يدخلون عليهم من كل باب يهنئونهم: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: ٢٤].


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٣٤٤)
(٢) الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة (٣/ ١٠٠٢)، وبدائع الفوائد (٤/ ١٤٢)
(٣) طريق الهجرتين وباب السعادتين (١/ ٢٢٧).
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٣٤٣)، وينظر: بدائع الفوائد لابن القيم (٣/ ١٦٣).

<<  <   >  >>