للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقع سهوا ولم يطل لم يضر، وإن طال سجد له، وإن كان عامدا فالمشهور أنه إن لم يطل لم يضر، وتكبر في حال انحطاطك للسجود، وتمكن جبهتك وأنفك من الأرض، وتباشر بكفيك الأرض باسطا يديك، فيه تكرار مع قوله: وتباشر بكفيك الأرض؛ لأنه لا يكون ذلك إلا مع البسط، وإن سجد وهو قابض بهما شيئا كره مستويتين إلى القبلة تجعلهما حذو أذنيك أو دون ذلك، والأصل في ذلك كله فعله عليه الصلاة والسلام، وكل ذلك أي وضعهما حذو أذنيك أو دونهما واسع: أي جائز، غير أنك لا تفترش ذراعيك في الأرض. أتى به ليرفع توهم أنه له أن يضع يديه على أي وجه كان، لقوله واسع، (وصح أنه عليه الصلاة والسلام نهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع (١)). وفي رواية (افتراش الكلب (٢)) ولا تضم عضديك إلى جنبيك، ولكن تجنح بهما تجنيحا وسطا، وهذا التجنيح مستحب في الرجل. وسيأتي الكلام على المرأة، وتكون رجلاك في سجودك قائمتين، وبطون إبهاميهما إلى الأرض، وكذلك بطون سائر الأصابع، ويزاد على هذا الوصف أن يفرق بين ركبتيه، وأن يرفع بطنه عن فخذيه، وهذا كله على جهة الاستحباب. (ودليله من السنة (٣) وتقول إن شئت في سجودك: سبحانك رب إني ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي، أو تقول غير ذلك إن شئت. وأتى بهذا ليرد على من يقول: التسبيح واجب، وتدعو في سجودك إن شئت. وظاهره التخيير. والذهب استحبابه، وليس لطول ذلك أي السجود وقت، أي حد، وأقله أن تطمئن مفاصلك اطمئنانا متمكنا، ثم إذا فرغت من الدعاء والتسبيح في السجود، ترفع رأسك بالتكبير فتجلس وجوبا بمقدار ما يقع الاعتدال، فتثني؛ أي تعطف رجلك اليسرى في جلوسك بين السجدتين، وتنصب؛ أي تقيم رجلك اليمنى وبطون أصابعها إلى الأرض، ولا تختص هذه الصفة بالجلوس بين السجدتين، بل هي صفة جميع الجلوس في الصلاة، وإذا رفعت رأسك من السجود فإنك ترفع أيضا يديك عن الأرض فتجعلهما


(١) مسلم، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٩٨.
(٢) أبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٨٩٧. ولفظه: اعتدلوا في السجود ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب. والبخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٨٢٢.
(٣) روى أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شئ من فخذيه. سنن أبى داود، كتاب الصلاة، الحديث: ٧٣٥.