للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذ لا يعتدل من لم يرفعهما. والاعتدال في الركوع والسجود والرفع منهما فرض، لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك وفعله له، وقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي (١) وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله عز وجل إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده (٢))، ولا خلاف في ذلك. إنما الخلاف في الطمأنينة بعد الاعتدال، ولم نعد قول أبي حنيفة وبعض أصحابنا خلافا لأنهم محجوجون بالآثار وبما عليه الجمهور نقله سيدي محمد بن عبد الباقي. وروى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود (٣))، وقال حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم. نقله الثعالبي المالكي. وروى أبو داوود الطيالسي بسنده عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أحسن الرجل الصلاة فأتم ركوعها وسجودها قالت الصلاة حفظك الله كما حفظتني فترفع، وإذا أساء الصلاة فلم يتم ركوعها ولا سجودها قالت الصلاة ضيعك الله كما ضيعتني فتلف كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجهه (٤)). نقله الثعالبي -أيضا-. ومر عن الشبراخيتي: وكيفية ركوعه صلى الله عليه وسلم محمولة عندنا على الكمال، وقد ورد في كيفية ركوعه صلى الله عليه وسلم (أنه كان إذا ركع وطأ ظهره حتى لو وضع على ظهره كوز من ماء لم يهرق منه شيء (٥))، وما ذكره الشبراخيتي مخالف لما نقلته عن هذين الإمامين. والله سبحانه أعلم. وفي نوازل ابن هلال بعد جلب أحاديث: ولهذه الأحاديث الكريمة قال علماؤنا: ابن كنانة، ومطرف، وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ رضوان الله عليهم: أن من لا يقيم صلبه في ركوعه ولا في سجوده دون سهو، ولا عذر في فرض أو نفل فشهادته غير جائز، والقادح في الشهادة قادح في الإمامة. انتهى. وقد قدم قبل هذا أنه لا تجوز إمامة من لا يتم الركوع والسجود ولا صلاته فذا، وما ذكره المصنف من وجوب الاعتدال هو الذي في مختصر


(١) البخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٦٣١.
(٢) مسند أحمد، ج ٤ ص ٢٢.
(٣) الترمذي، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٢٦٥.
(٤) مسند أبى داود الطيالسي، ج ٢ ص ٨٠ رقم الحديث: ٥٨٥.
(٥) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع لو وضع قدح من ساء على ظهره لم يهرق. مسند أحمد، ج ١ ص ١٢٣.