النوع الخامس: الالتزام المعلق على الفعل الذي فيه منفعة الملتزم بكسر الزاي وهو على أربعة أوجه، الوجه الأول: أن يكون الفعل المعلق عليه إعطاء الملتزم له للملتزم أو لغيره شيئا وتمليكه إياه نحو إن أعطيتني عبدك أو دارك أو فرسك فقد التزمت لك بكذا أو فلك علي كذا لشيء يسميه، أو فقد أسقطت عنك الدين الذي لي عليك، أو إن أعطيت ذلك لفلان أو أسقطت الدين الذي لك على فلان فلك عبدي الفلاني أو داري أو نحو ذلك، فهذا من باب هبة الثواب، وقد صرحوا بأنه إذا سمي فيها الثواب أنها جائزة ولم يحكوا في ذلك خلافا، وأنها حينئذ بيع من البيوع، يشترط في كل من الملتزم به والملتزم عليه ما يشترط في الثمن والمثمون من انتفاء الجهل والغرر، إلا فيما يجوز في هبة الثواب مما سيأتي ذكره في الفرع الرابع من الفروع التي أذكرها، ويشترط فيهما أيضا كون كل منهما طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه، فلا يجوز أن يكون أحدهما آبقا، ولا بعيرا شاردا، ولا جنينا، ولا ثمرة لم يبد صلاحها، ولا يجوز أن يكونا طعامين، كقولك: إن أعطيتني أردبا من القمح فلك عندي قنطاران من السمن إلا أن يكون ذلك في موضع واحد والطعامان حاضران، ولا يجوز أن يكونا دينين كقولك: إن التزمت لي ثوبا صفته كذا وكذا فلك في ذمتي عشرة دنانير، أو إن أسقطت عني الدين الذي كان لك علي فلك في ذمتي كذا وكذا، ولا يجوز أن يؤجل أحدهما بأجل مجهول، ويشترط في صحة ذلك أن يكون كل من الملتزم والملتزم له مميزا وأن يكون طائعا رشيدا.
فروع الأول: لا فرق بين أن يقول: إن أعطيتني أو ملكتني أو إن زوجتني، وبين أن يقول: تصدقت علي، فإن الصدقة وإن كانت لا يقضى فيها بالثواب فإنه إذا شرط فيها الثواب لزم كما صرح به في كتاب الهبات من المدونة، وصرح به ابن رشد في أول رسم من سماع يحيى من كتاب الصدقات والهبات في المرأة تضع مهرها عن زوجها على أن يهب لها منزله أو يتصدق عليها أن ذلك [لازم](١).
(١) ساقطة من الأصل والمثبت من التزامات الحطاب ص ٢٠١.