عليه، فأما من وجد ذلك بعد أن جعل ربه فيه جعلا فله الجعل علم بما جعل فيه أو لم يعلم تكلف طلب هذه الأشياء أو لم يتكلف، ومن قال لكافر: إن أسلمت فلك عندي كذا فإنه لازم له ويحكم به عليه، ولم يحكوا في ذلك خلافا وإنما اختلفوا هل ذلك من باب العطية فيفتقر إلى الحيازة أو من باب المعاوضة فلا يفتقر إلى حيازة؟ ولا فرق في ذلك بين الزوجة وغيرها، وفي كلام ابن رشد ترجيح أن ذلك لا يفتقر لحوز، وبذلك أفتى ابن الحاج، ومن قال لعبده: إن تركت شرب الخمر فأنت حر أو تركت الزنى فأنت حر فإن ذلك لازم له، لكن لا يصدق العبد في قوله: تركت ذلك حتى يظهر صدقه النوع الثالث: الالتزام المعلق على فعل محرم على الملتزم له، كقوله: إن قتلت فلانا أو إن شربت الخمر فلك كذا وكذا، وحكمه أن ذلك غير لازم، ومن قال لرجل: إن قتلتني فلك كذا أو إن قتلت عبدي فلك كذا فلا جعل له، واختلف هل يقتل أو يسقط عنه القصاص؟ ولا يأتي في هذا النوع ما مر في النوع الثاني أن الملتزِم بكسر الزاي إذا كان يعلم أن ذلك الفعل لخ، لأن ذلك قربة ومعروف، وهذه إعانة على معصية وترغيب في فعل المعصية، فلو قبض الملتزم له الشيء الملتزم به فهل يرده على ربه أو يتصدق به، يأتي فيه الخلاف الذي في حلوان الكاهن وما تأخذه الزانية والقواد والمخنث ونحوهم، هل يلزمهم أن يردوا ما أخذوه على من أعطاهم أو يتصدقوا به؟ والظاهر لي من القولين التصدق بذلك، وعدم رده لربه، لأنه دفع في غير حق فلا يرده له أدبا له، وقالوا: إنه لا ينفع التحليل في هذه المسائل.
النوعُ الرابعُ: الالتزام المعلق على الفعل الجائز الذي لا منفعة فيه لأحد، كقوله: إن صعدت هذا الجبل فلك كذا، واختلف فيه على قولين ذكرهما ابن الحاجب والشيخ خليل وغيرهما، وكلام الشيخ خليل هو قوله: وفي شرط منفعة الجاعل قولان، قال ابن غازي: وظاهر كلام عياض في التنبيهات أن المشهور اشتراط منفعة الجاعل. قاله الحطاب. وقال: تنبيه: وقع في كلام القاضي عياض وكلام ابن يونس وكلام غيرهما أن تكون فيه منفعة للجاعل، والظاهر أن قولهم: للجاعل خرج مخرج الغالب وأنه لا مفهوم له، بل القصد أن يكون في ذلك منفعة سواء كانت للجاعل أو غيره. انتهى.