الثاني، والمعين للتقدير في الكل ما يناسبه. اهـ. قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: مثل هذا التقدير سائغ في العربية كما في الحديث (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:(ألا أخبرك بمعنى لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله).
وأثيب بما يقضى عنه ببيع، يعني أنه إذا أثابه بما فيه وفاء بالقيمة لزمه بشرط أن يراعى في الثواب ما يراعى في البيع، أي لابد أن يثيبه بما يجوز أن يقضى به في السلم، وقوله: عنه، أي عن الشيء الموهوب حال كون الموهوب المقضي عنه كائنا ببيع أي مراعًى فيه شروط بيع السلم، ومعنى ذلك أن الموهوب له إذا أثاب الواهب له في هبته ما يعاوض الناس عليه في البيع وفيه وفاء بالقيمة فإنه يلزمه قبوله، فقوله: عنه، متعلق بيقضى وهنا أمران، أحدهما: أنه إذا أثابه بما فيه وفاء بالقيمة فإنه يلزمه قبوله، ويُراعَى مع ذلك أمر ثان لا بد منه، وهو أن يكون ذلك الثواب مما لو كانت الهبة رأس مال السلم يجوز أن يقضى عن المسلم فيه، فإذا كانت الهبة لحما فلا يثاب عنها بحيوان من جنسه، أو طعاما فلا يثاب عنها بطعام على ما مر، أو ذهبا فلا يثاب عنها بورق أو عكس ذلك، إلا أن يكون ذلك قبل التفرق فيجوز للسلامة من الصرف المؤخر، ويثاب عن العرض بطعام أو ذهب أو فضة، ولا يثاب عن الذهب بذهب، ولا عن الفضة بفضة إلا بالحضرة على ما مر، قال المواق: قال أبو محمد: ولما كانت الهبة للثواب كالبيع في أكثر الحالات كان لها حكمه فيما يحل ويحرم من عوضها. قال ابن القاسم: ومن وهبك حنطة فلا خير في أن تعاوضه عنها حنطة أو تمرًا أو غيره من مكيل الطعام أو موزونه، إلا أن تعاوضه قبل التفرق طعاما من طعام فإنه يجوز لأن هبة الثواب بيع من البيوع إلا أن تعاوضه مثل طعامه في صفته وجودته وكيله فلا بأس بذلك وإن افترقا اهـ ولو فاتت أو تغيرت فعوضت منافع لم يجز ذلك، بخلاف ما إذا لم تتغير، وإن تغيرت وأحلته على دين لجاز ذلك لأنه حوالة إذا كان مثل القيمة في الصفة والقدر لا أكثر من القيمة.
وإن معيبا، يعني أنه إذا أثابه بمعيب فيه وفاء بالقيمة أو ليس فيه وفاء بها ولكن كملها له ولا مانع من جهة الاقتضاء فإنه يلزم الموهوب له قبوله، ومحل هذا إذا لم يكن العيب فادحا كجذام