على أرجح قولين، ومحلهما في الدم الخارج قبل الولادة لأجلها فإن لم يكن لأجلها فليس بنفاس. قال في التنبيهات: وما كان قبل خروج الولد فقيل إنه غير دم نفاس، وحكمه حكم غيره من الدماء التي تراها الحوامل. انتهى. والقول الآخر أنه دم نفاس، وعبارة الأمير: وقبلها حيض على أقوى القولين، فلا يبتدأ منه النفاس. انتهى.
واعلم أن النفاس في اللغة: ولادة المرأة، لا نفس الدم، ولذلك يقال دم النفاس، والشيء لا يضاف إلى نفسه. والنفاس بكسر النون، والمرأة نفساء بضم النون وفتح الفاء والمد، والجمع نفاس بكسر النون وفتح الفاء، وليس في الكلام ما هو فُعَلَاء، ويجمع على فعال غير نُفَسَاء وعُشَرَات، ويجمعان على نُفَسَاوَات وعُشَرَاوات بضم أولهما وفتح ثانيهما، ويقال نفست المرأة بفتح النون وضمها، وكلاهما مع كسر الفاء في الولادة والحيض، لكن الضم في الولادة أكثر، والفتح في الحيض أكثر. حكاه عياض في شرح مسلم. قاله الخرشي ونقل عن السنهوري أنه لا يقال في الحيض إلا نفست بالضم ليس إلا. انتهى.
ولو بين توأمين يعني أن الدم الذي خرج بين التوأمين نفاس، وهما الولدان في بطن واحد، وليس بينهما؛ أي بين وضعهما ستة أشهر، ويقال للأنثى توأمة. ورد المصنف "بلو" القول بأنها إذا ولدت وبقي في بطنها ولدٌ أن الخارجَ بعد وضع الأول حيض، والقولان في المدونة، وعلى القول الأول: تمكث أقصى أمد النفاس، وعلى القول الثاني المردود بلو؛ أي القول بأنه حيض: تجلس كما تجلس الحامل في آخر حملها عشرين يوما ونحوها.
وأكثره ستون يوما يعني أن أكثر زمن النفاس أي الدم الخارج للولادة على ما مر إذا تمادى بالمرأة متصلا، أو ما في حكمه بأن عاودها قبل طهر تم، ستون يوما على المشهور، ولا تعول على عادتها على الراجح؛ لأنه لا تعتبر العادة هنا. ثم هي مستحاضة تصلي وتصوم وتوطأ ولا تستظهر على الستين، وأما أقله فهو دُفعة، وأكثر نساء افريقية يعتقدن (١) مكث أربعين يوما، ولو انقطع الدم قبلها؛ وهو جهل منهن، فيعلمن. قاله ابن ناجي. قاله الشبراخيتي. وقوله:"ولو بين توأمين"
(١) في الأصل: يعتقدون، والمثبت من الشبراخيتي، ج ١ مخطوط.