والفعل الدال عليه عرفا كالقول الدال عليه كما في الطلاق، لا بفعل لم يدل عليه عرفا فلا يلزم به ظهار إذا نواه به، وإذا قال لامرأته: أنت طالق وقال نويت به الظهار ألزم الظهار بما أقر به من نيته والطلاق بما ظهر من لفظه، ذكر ابن رشد في المقدمات: أن ذلك مذهب ابن القاسم، والضمير البارز في قوله: نواه للظهار، والمجرور بالباء يعود على الكلام؛ والمستتر عائد على الزوج، وقد مر أن من نوى الظهار صريح الطلاق لا يلزمه ظهار خلاف ما ذكر ابن رشد هنا، وتَحصَّل مما مر أقسام ستة، قِسْمَا صريحِ الظهار أي عضو المحرم المؤبدة ظهرا أو غيره وظهر الذكر على مقتضى المص، وقِسْمَا الكنايةِ الظاهرة فتلك أربعة؛ وخَامِسٌ مختلف في كونه طلاقا وظهارا وهو المسائل الأربع التي أولها: كأنت كفلانة الأجنبية؛ القسم السادس الكناية الخفية المشار إليها بقوله: ولزم بأي كلام نواه به والله سبحانه أعلم.
لا أعود مسك حتى أمس أمي؛ يعني أن الزوج إذا قال لزوجته: إن وطئتك وطئت أمي ولم ينو به طلاقا ولا ظهارا فإنه لا شيء عليه. نقله ابن عبد السلام. وقال ابن عرفة: وسمع يحيى ابن القاسم من قال لجاريته: لا أعود لمسك حتى أمس أمي لا شيء عليه، ابن رشد: لأنه كمن قال: لا أمس أمتي أبدا، قلت: انظر حل هذا مثل قوله: إن وطئتك فقد وطئت أمي، نقل ابن عبد السلام أنه لا شيء عليه، ولم أجده لغيره، وفي النفس من نقلِهِ الصقليُّ عن سحنون شيءٌ لعدم نَقْلِه الشيخُ في نوادره، وانظر هل هو مثل قوله: أنت أمي، سمع عيسى أنه ظهار وهذا أقرب من لغوه لأنه إن كان معنى قوله: إن وطئتك وطئت أمي لا أطؤك حتى أطأ أمي فهو لغو، وإن كان معناه: وطئي إياك كوطء أمي فهو ظهار وهذا أقرب كقوله تعالى: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} ليس معناه حتى يسرق أخ له من قبل وإلا لما أنكر عليهم يوسف عليه السلام بل معناه كسرقة أخ له من قبل ولذا أنكر عليهم انتهى وما ذكره ابن عرفة من جهة البحث ظاهر فإن المتبادر من قوله. إن وطئتك فقد وطئت أمي أن وطئي إياك مثل وطء أمي، وأما من جهة النقل فذكره ابن عبد السلام كما قال: وقبله، ونقله في التوضيح أيضا وقبله، ونقله ابن يونس في أوائل الظهار كما قال وقبله؛ ونصه قال سحنون: وإن قال إن وطئتك وطئت أمي فلا شيء عليه. انتهى. وكلام ابن عرفة متدافع لأنه قال أولا: لم أجده لغير ابن عبد السلام، ثم قال: إن الصقلي ذكره عن سحنون، وقوله: وفي النفس شيء من نقله الصقلي لخ: غير ظاهر لأن إمامة ابن