قبل كتبه أنه لم يرد بذلك طلاقا، وأما إن لم يكن أشهد بذلك أولا فإنه يلزمه في القضاء. نقله ابن عرفة عن ابن رشد.
ولا ينافي هذا ما تقدم من أن قوله:"وقصد" معناه قصد التلفظ به وإن لم يقصد حل العصمة؛ لأنه لم يحصل لفظ هنا بل كتابة من غير عزم، ولا يرد على وصول الكتابة قوله الآتي:"إن وصل"؛ لأن معناه إن وصل للزوجة وهنا وصل لأبيها من غير تردد في الطلاق، بل مع جزمه بعدمه، وبما مر عن ابن رشد تعلم أن قول عبد الباقي: ومن كتب لأبي زوجته أنه طلقها ليحضر لاشتياقها له لم تطلق عليه في الفتوى إن أشهد أنه لم يرد طلاقا فيه نظر، بل لا تطلق عليه في الفتوى مطلقا أشهد أم لا، وإنما هذا قيد فيما إذا قيم عليه بخطه عند القاضي كما مر. انظر حاشية الشيخ بناني. والله سبحانه أعلم.
وقوله:"في الفتوى" متعلق بيلزم مقدرا أي لا يلزمه شيء إن سبق لسانه في الفتوى، ومما لا يؤاخذ به في الفتوى من سئل في شيء فقال حلفت بالطلاق أن لا أفعله ولم يكن قد فعل، فقال مالك في كتاب محمد: لا شيء عليه في الفتوى، وأما إن أراد أن يحكي كلام رجل فقال امرأتي طالق البتة ونسي أن يقول: قال فلان، فإن كان نسقا فلا شيء عليه، قال بعض الشراح: الظاهر لا شيء عليه في الفتوى ولا في القضاء، ومن قال لامرأته: كنت طلقتك أو قال لعبده كنت أعتقتك ولم يكن قد فعل، قال أبو الزناد: لا شيء عليه في الفتوى، وقال مالك: ذلك يلزمه كمن قال أنت طالق وأنت حر، وقال إنه لم يرد الطلاق والعتق الظاهر أن الراجح الثاني. قاله الشبراخيتي. وفيه: وأما من كتب لأبي زوجته أن يزورها فأبى، فقالت لزوجها اكتب له أنك طلقتني ففعل ولم يرد بكتبه طلاقا، فإن ثبت ما ذكر ببينة أو جاء مستفتيا لم يلزمه طلاق، وإن جاءا معا وذكر الزوجان القصة، وقال الأب: لا أدري صدقهما من كذبهما صدق الزوج مع يمينه إن كان مأمونا، وإن قام الأب بالكتاب في غيبة الزوج فلما وقف عليه أقر به، وقال إنه إنما كتبه كذلك لما ذكر فلا يصدق إلا أن يكون أشهد ببينة أنه إنما كتب بالطلاق لذلك، فإن لم تقم بينة لزمه الطلاق، وقال في الرواية: ينوى ويكون واحدة. انتهى. ولو قال أنت طالق من ذراعي لم يلزمه شيء إذا كان قوله