للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولزم ولو هزل من باب ضرب وفرح؛ يعني أن الزوج إذا طلق زوجته فإنه يلزمه الطلاق إذا كان أهلا لإيقاع الطلاق، وقد مر بيان الأهل وهو المسلم المكلف ولا فرق في لزوم الطلاق للزوج الأهل بين أن يكون جادا في إيقاع الطلاق وبين أن يكون هازلا، أما الجاد فظاهر وأما الهازل فإن كان هازلا بإيقاع الطلاق فإنه يلزمه الطلاق اتفاقا، وأما إن كان هازلا بلفظ الطلاق مع أنه لم يقصد فك العصمة لا هزلا ولا جدا فالمشهور لزوم الطلاق له، لخبر الترمذي: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة (١)) ولقول ابن المسيب: ثلاث ليس فيهن لعب النكاح والطلاق والعتق. ابن عرفة: هزل إيقاع الطلاق لازم اتفاقا، وهزل إطلاق لفظه عليه المعروف لزومه. اللخمي: أرى إن قام دليل الهزل لم يلزمه طلاق.

ابن القاسم: من قال لامرأته قد وليتك أمرك إن شاء الله، فقالت فارقتك إن شاء الله وهما لاعبان لا يريدان طلاقا فلا شيء عليهما وتحلف، وإن أراد الطلاق على اللعب لزمه.

وقال ابن القاسم في رجل قال له رجل: أطلقت امرأتك؟ قال: نعم كما طلقت أنت امرأتك، فإذا الآخر قد طلق امرأته والآخر لم يعلم لا شيء عليه إذا لم يرد طلاقا. ابن رشد: ويحلف أنه لم يعلم بطلاق الآخر ولا يحلف أنه كان لاعبا؛ لأن اللاعب يلزمه الطلاق، وقد علمت أن المشهور لزوم طلاق الهازل بإطلاق لفظ الطلاق عليه كما مر عند قوله: "وقصد" وأن كلام ابن القاسم من قال لامرأته قد وليتك أمرك لخ خلاف المشهور، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله في فصل التفويض، وقوله: "ولزم ولو هزل" قال الشبراخيتي: أي باستعمال لفظه فيه أي باستعمال لفظ الطلاق في الطلاق من غير قصد فك العصمة هازلا بإيقاعه لأجل إتيانه بلو التي يشير بها إلى الخلاف والهزل بإيقاعه متفق عليه، بأن يقصد إيقاع الطلاق هازلا، وقد قال التتائي: ابن عرفة: سواء هزل بإيقاعه أو بإطلاق لفظه عليه، فالأول لازم اتفاقا والثاني على المعروف. انتهى. انتهى.

ثم قال الشبراخيتي: والهازل هو الذي لا يقصد بما وقع منه من الطلاق حل العصمة، وهذا إنما يأتي في الصريح أو في الكناية الظاهرة كما لا يخفى، وفي خبر الترمذي: (ثلاث جدهن جد


(١) سنن أبي داوود، كتاب الطلاق، رقم الحديث، ٢١٩٤. سنن الترمذي كتاب الطلاق، رقم الحديث، ١١٤٨. سنن ابن ماجه، كتاب الطلاق، رقم الحديث، ٢٠٣٩.