للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيب منها (قد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نتف الشيب: وقال هو نور المؤمن (١))، ورجح النووي تحريمه لثبوت الزجر عنه، وجزم المص في شرح الرسالة بمنع نتفه وحلقه، وأما نتف اللحية في أول نباتها تشبيها بالمرد فهو من المنكرات الكبار، وقوله: وصبغها ليغر، قال في الإحياء: خضابها بالسواد منهي عنه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خير شبابكم من تشبه بشيوخكم؛ أي في الوقار لا في تبييض الشعر، وشر شيوخكم من تشبه بشبابكم (٢))، وتزوج رجل على عهد عمر -رضي الله تعالى عنه- وكان قد خضب بالسواد، فنصل خضابه وظهرت شيبته، فرفعه أهل المرأة إلى عمر فرد نكاحه وأوجعه ضربا، وقال: غررت القوم بالشباب ولبست عليهم بشيبك. ويقال: أول من خضب بالسواد فرعون لعنه الله، وعنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يَكونُ في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة (٣))، وخضب بالسواد بعض العلماء ولا بأس بذلك إذا صحت النية ولم يكن فيه هوى وشبهة، وفي الرسالة: ويكره من غير تحريم. قال المص: ظاهره الكراهة مطلقا، وفصل بعضهم إن كان للتغرير منع، وإن كان للجهاد ندب، وإن كان للتشابب كره، وإن كان مطلقا فقولان بالجواز والكراهة، فالجواز من قوله عليه الصلاة والسلام: (غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود (٤))، والكراهة من قوله -صلى الله عليه وسلم- حين رأى أبا قحافة كأنه ثغامة من الشيب: (غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد (٥)) رواه مسلم، وقوله: وتبييضها كذلك؛ أي ليغر إظهارا لعلو السن توصلا إلى التوقير وقبول الشهادة والتصديق في الرواية عن الشيوخ وترفعا عن الشبان وإظهارا لكثرة العلم ظنا أن كثرة الأيام تعطيه فضلا وهيهات لا يزيد كبر السن الجاهل إلا جهلا. وقوله: وكذلك قص ما طال منها، قال في الرسالة: وأمر أن تعفى اللحية وتوفر ولا تنقص. قال المص: فاعل أمر رسول الله


(١) الإتحاف، ج ٢ ص ٤٢٥.
(٢) المطالب العالية، ج ٣ ص ٣ رقم الحديث: ٢٧٠٨.
(٣) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال يكون في آخر الزمان قوم يختضبون بهذا السواد كحواصل الطير لا يريحون رائحة الجنة. السنن الكبرى للبيهقي، باب ما يصبغ به، ج ٧ ص ٣١١.
(٤) الترمذي في سننه، كتاب اللباس، رقم الحديث: ١٧٥٢. - النسائي في سننه، كتاب الزينة، رقم الحديث: ٥٠٨٣.
(٥) مسلم في صحيحه، كتاب اللباس والزينة، رقم الحديث: ٢١٠٢.